(فجعلناه في قرار مكين) أي في مكان حريز وهو الرحم. (إلى قدر معلوم) قال مجاهد:
إلى أن نصوره. وقيل: إلى وقت الولادة. " فقدرنا " وقرأ نافع والكسائي " فقدرنا " بالتشديد. وخفف الباقون، وهما لغتان بمعنى.
قاله الكسائي والفراء والقتبي. قال القتبي:
قدرنا بمعنى قدرنا مشددة: كما تقول: قدرت كذا وقدرته، ومنه قول النبي صلى الله عليه سلم في الهلال: [إذا غم عليكم فاقدروا له] أي قدروا له المسير والمنازل. وقال محمد بن الجهم عن الفراء: " فقدرنا " قال: وذكر تشديدها عن علي رضي الله عنه، تخفيفها: قال:
ولا يبعد أن يكون المعنى في التشديد والتخفيف واحدا، لان العرب تقول: قدر عليه الموت وقدر: قال الله تعالى: " نحن قدرنا بينكم الموت " [الواقعة: 60] قرئ بالتخفيف، والتشديد، وقدر عليه رزقه وقدر. قال: واحتج الذين خففوا فقالوا، لو كانت كذلك لكانت فنعم المقدرون. قال الفراء:
وتجمع العرب بين اللغتين، قال الله تعالى: " فمهل الكافرين أمهلهم رويدا " [الطارق: 17] قال الأعشى:
وأنكرتني وما كان الذي نكرت * من الحوادث إلا الشيب والصلعا وروي عن عكرمة " فقدرنا " مخففة من القدرة، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم والكسائي لقوله: " فنعم القادرون " ومن شدد فهو من التقدير، أي فقدرنا الشقي والسعيد فنعم المقدرون.
رواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: المعنى قدرنا قصيرا أو طويلا. ونحوه عن ابن عباس: قدرنا ملكنا. المهدوي: وهذا التفسير أشبه بقراءة التخفيف.
قلت: هو صحيح فإن عكرمة هو الذي قرأ " فقدرنا " مخففا قال: معناه فملكنا فنعم المالكون، فأفادت الكلمتان معنيين متغايرين، أي قدرنا وقت الولادة وأحوال النطفة في التنقيل من حالة إلى حالة حتى صارت بشرا سويا، أو الشقي والسعيد، أو الطويل والقصير، كله على قراءة التشديد. وقيل: هما بمعنى كما ذكرنا.
قوله تعالى: ألم نجعل الأرض كفاتا (25) أحياء وأمواتا (26) وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا (27) ويل يومئذ للمكذبين (28)