وعذاب صعد أي شديد. والصعد: مصدر صعد، يقال: صعد صعدا وصعودا، فوصف به العذاب، لأنه يتصعد المعذب أي يعلوه ويغلبه فلا يطيقه. وقال أبو عبيدة:
الصعد مصدر، أي عذابا ذا صعد، والمشي في الصعود يشق. والصعود: العقبة الكئود.
وقال عكرمة: هو صخرة ملساء في جهنم يكلف صعودها، فإذا انتهى إلى أعلاها حدر إلى جهنم. وقال الكلبي: يكلف الوليد بن المغيرة أن يصعد جبلا في النار من صخرة ملساء، يجذب من أمامه بسلاسل، ويضرب من خلفه بمقامع حتى يبلغ أعلاها، ولا يبلغ في أربعين سنة. فإذا بلغ أعلاها أحدر إلى أسفلها، ثم يكلف أيضا صعودها، فذلك دأبه أبدا، وهو قوله تعالى: " سأرهقه صعودا " [المدثر: 17].
قوله تعالى: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا (18) فيه ست مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (وأن المساجد لله) " أن " بالفتح، قيل: هو مردود إلى قوله تعالى: " قل أوحى إلي " [الجن: 1] أي قل أوحى إلي أن المساجد لله. وقال الخليل: أي ولأن المساجد لله.
والمراد البيوت التي تبنيها أهل الملل للعبادة. وقال سعيد بن جبير: قالت الجن كيف لنا أن نأتي المساجد ونشهد معك الصلاة ونحن ناءون عنك؟ فنزلت: " وأن المساجد لله " أي بنيت لذكر الله وطاعته. وقال الحسن: أراد بها كل البقاع، لان الأرض كلها مسجد للنبي صلى الله عليه وسلم، يقول: [أينما كنتم فصلوا] [فأينما صليتم فهو مسجد] وفي الصحيح: [وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا]. وقال سعيد بن المسيب وطلق ابن حبيب: أراد بالمساجد الأعضاء التي يسجد عليها العبد، وهي القدمان والركبتان واليدان والوجه، يقول: هذه الأعضاء أنعم الله بها عليك، فلا تسجد لغيره بها، فتجحد نعمة الله. قال عطاء: مساجدك: أعضاؤك التي أمرت أن تسجد عليها لا تذللها لغير خالقها. وفي الصحيح عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة - وأشار بيده إلى أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين). وقال العباس قال النبي