لان ضمة الواو ثقيلة. ولم يجز البدل في قوله: " ولا تنسوا الفضل بينكم " [البقرة: 237] لان الضمة غير لازمة. وقرأ أبو عمرو وحميد والحسن ونصر. وعن عاصم ومجاهد " وقتت " بالواو وتشديد القاف على الأصل. وقال أبو عمرو: وإنما يقرأ " أقتت " من قال في وجوه أجوه.
وقرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج " وقتت " بالواو وتخفيف القاف. وهو فعلت من الوقت ومنه " كتابا موقوتا ". وعن الحسن أيضا: " ووقتت " بواوين، وهو فوعلت من الوقت أيضا مثل عوهدت. ولو قلبت الواو في هاتين القراءتين ألفا لجاز. وقرأ يحيى وأيوب وخالد بن إلياس وسلام " أقتت " بالهمزة والتخفيف، لأنها مكتوبة في المصحف بالألف.
(لأي يوم أجلت)؟ أي أخرت، وهذا تعظيم لذلك اليوم فهو استفهام على التعظيم. أي " ليوم الفصل " أجلت. وروى سعيد عن قتادة قال: يفصل فيه بين الناس بأعمالهم إلى الجنة أو إلى النار. وفي الحديث: [إذا حشر الناس يوم القيامة قاموا أربعين عاما على رؤوسهم الشمس شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون الفصل]. (وما أدراك ما يوم الفصل) أتبع التعظيم تعظيما، أي وما أعلمك ما يوم الفصل؟ (ويل يومئذ للمكذبين) أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد. وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب، لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم، فإن لكل مكذب بشئ عذابا سوى تكذيبه بشئ آخر، ورب شئ كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره، لأنه أقبح في تكذيبه، وأعظم في الرد على الله، فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك، وعلى قدر وفاقه وهو قوله:
" جزاء وفاقا ". [النبأ: 26]. وروى عن النعمان بن بشير قال: ويل: واد في جهنم فيه ألوان العذاب.
وقاله ابن عباس وغيره. قال ابن عباس: إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقى عليها فيأكل بعضها بعضا. وروي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل] وروى أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم، وإنما يسيل الشئ فيما سفل من الأرض وانفطر، وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات، فذكر أن ذلك