قوله تعالى: يسئلونك عن الساعة أيان مرساها (42) فيم أنت من ذكراها (43) إلى ربك منتهاها (44) إنما أنت منذر من يخشاها (45) كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها (46) قوله تعالى: (يسألونك عن الساعة أيان مرساها) قال ابن عباس: سأل مشركو مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم متى تكون الساعة استهزاء، فأنزل الله عز وجل الآية. وقال عروة بن الزبير في قوله تعالى: " فيم أنت من ذكراها "؟ لم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الساعة، حتى نزلت هذه الآية " إلى ربك منتهاها ". ومعنى " مرساها " أي قيامها.
قال الفراء: رسوها قيامها (1) كرسو السفينة. وقال أبو عبيدة: أي منتهاها، ومرسي السفينة حيث، تنتهي. وهو قول ابن عباس. الربيع بن أنس: متى زمانها. والمعنى متقارب.
وقد مضى في " الأعراف " (2) بيان ذلك. وعن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
[لا تقوم الساعة إلا بغضبة يغضبها ربك]. (فيم أنت من ذكراها) أي في أي شئ أن يا محمد من ذكر القيامة والسؤال عنها؟ وليس لك السؤال عنها. وهذا معنى ما رواه الزهري عن عروة بن الزبير قال: لم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الساعة حتى نزلت: " فيم أنت من ذكراها؟ إلى ربك منتهاها " أي منتهى علمها، فكأنه عليه السلام لما أكثروا عليه سأل الله أن يعرفه ذلك، فقيل له: لا تسأل، فلست في شئ من ذلك.
ويجوز أن يكون إنكارا على المشركين في مسألتهم له، أي فيم أنت من ذلك حتى يسألوك بيانه، ولست ممن يعلمه. روي معناه عن ابن عباس. والذكرى بمعنى الذكر. (إلى ربك منتهاها) أي منتهى علمها، فلا يوجد عند غيره علم الساعة، وهو كقوله تعالى: " قل إنما علمها عند ربي " [الأعراف: 187] وقوله تعالى: " إن الله عنده علم الساعة " [لقمان: 34]. (إنما أنت منذر من يخشاها):