قال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار " [التوبة: 123] أي يقربون منكم، وأنشد الأصمعي:
* وأولى أن يكون له الولاء * أي قارب أن يكون له، وأنشد أيضا:
* أولى لمن هاجت له أن يكمدا * أي قد دنا صاحبها [من] (1) الكمد. وكان أبو العباس ثعلب يستحسن قول الأصمعي ويقول: ليس أحد يفسر كتفسير الأصمعي. النحاس: العرب تقول أولى لك: كدت تهلك ثم أفلت، وكأن تقديره: أولى لك وأولى بك الهلكة. المهدوي قال: ولا تكون أولى (أفعل منك)، وتكون خبر مبتدأ محذوف، كأنه قال: الوعيد أولى له من غيره، لان أبا زيد (2) قد حكى: أولاة الآن:
إذا أو عدوا. فدخول علامة التأنيث دليل على أنه ليس كذلك. و " لك " خبر عن " أولى ".
ولم ينصرف " أولى " لأنه صار علما للوعيد، فصار كرجل اسمه أحمد. وقيل: التكرير فيه على معنى ألزم لك على عملك السئ الأول، ثم على الثاني، والثالث، والرابع، كما تقدم.
قوله تعالى: أيحسب الانسان أن يترك سدى (36) ألم يك نطفة من منى يمنى (37) ثم كان علقة فخلق فسوى (38) فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى (39) أليس ذلك بقادر على أن يحيى الموتى (40) قوله تعالى: (أيحسب الانسان) أي يظن ابن آدم " أن يترك سدى " أي أن يخلى مهملا، فلا يؤمر ولا ينهى، قاله ابن زيد ومجاهد، ومنه إبل سدى: ترعى بلا راع. وقيل:
أيحسب أن يترك في قبره كذلك أبدا لا يبعث. وقال الشاعر:
فأقسم بالله جهد اليمين * ما ترك الله شيئا سدى