قوله تعالى: إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون (29) وإذا مروا بهم يتغامزون (30) وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين (31) وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون (32) وما أرسلوا عليهم حافظين (33) فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون (34) على الأرائك ينظرون (35) هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون (36) قوله تعالى: (إن الذين أجرموا) وصف أرواح الكفار في الدنيا مع المؤمنين باستهزائهم بهم والمراد رؤساء قريش من أهل الشرك. روى ناس عن ابن عباس قال:
هو الوليد بن المغيرة، وعقبة بن أبي معيط، والعاص بن وائل، والأسود بن عبد يغوث، والعاص ابن هشام، وأبو جهل، والنضر بن الحارث، وأولئك (كانوا من الذين آمنوا) من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مثل عمار، وخباب وصهيب وبلال (يضحكون) على وجه السخرية.
(وإذا مروا بهم) عند إتيانهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (يتغامزون): يغمز بعضهم بعضا، ويشيرون بأعينهم. وقيل: أي يعيرونهم بالاسلام ويعيبونهم به يقال: غمزت الشئ بيدي، قال:
وكنت إذا غمزت قناة قوم * كسرت كعوبها أو تستقيما وقالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد غمزني، فقبضت رجلي. الحديث، وقد مضى في " النساء " (1). وغمزته بعيني. وقيل: الغمز: بمعنى العيب، يقال غمزه: أي عابه، وما في فلان غمزة أي عيب. وقال مقاتل: نزلت في علي بن أبي طالب جاء في نفر من المسلمين إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلمزهم المنافقون، وضحكوا عليهم وتغامزوا. (وإذا انقلبوا) أي انصرفوا إلى أهلهم وأصحابهم وذويهم (انقلبوا فكهين) أي معجبين منهم.
وقيل: معجبون بما هم عليه من الكفر، متفكهون بذكر المؤمنين. وقرأ ابن القعقاع وحفص والأعرج والسلمي: " فكهين " بغير ألف. الباقون بألف. قال الفراء: هما لغتان مثل