تفسير القرطبي - القرطبي - ج ١٩ - الصفحة ٢١٥
الثانية تخفيفا. وقرأ نافع وابن محيصن بالتشديد على الادغام. (وما عليك ألا يزكى) أي لا يهتدي هذا الكافر ولا يؤمن، إنما أنت رسول، ما عليك إلا البلاغ.
قوله تعالى: (وأما من جاءك يسعى) يطلب العلم لله (وهو يخشى) أي يخاف الله.
(فأنت عنه تلهى) أي تعرض عنه بوجهك وتشغل بغيره. وأصله تتلهى، يقال: لهيت عن الشئ ألهى: أي تشاغلت عنه. والتلهي: التغافل. ولهيت عنه وتليت: بمعنى.
قوله تعالى: كلا إنها تذكرة (11) فمن شاء ذكره (12) في صحف مكرمة (13) مرفوعة مطهرة (14) بأيدي سفرة (15) كرام بررة (16) قوله تعالى: (كلا إنها تذكرة) " كلا " كلمة ردع وزجر، أي ما الامر كما تفعل مع الفريقين، أي لا تفعل بعدها مثلها: من إقبالك على الغني، وإعراضك عن المؤمن الفقير.
والذي جرى من النبي صلى الله عليه وسلم كان ترك الأولى كما تقدم، ولو حمل على صغيرة لم يبعد، قاله القشيري. والوقف على " كلا " على هذا الوجه: جائز. ويجوز أن تقف على " تلهى " ثم تبتدئ " كلا " على معنى حقا. " إنها " أي السورة أو آيات القرآن " تذكرة " أي موعظة وتبصرة للخلق (فمن شاء ذكره) أي اتعظ بالقرآن. قال الجرجاني: " إنها " أي القرآن، والقرآن مذكر إلا أنه لما جعل القرآن تذكرة، أخرجه على لفظ التذكرة، ولو ذكره لجاز، كما قال تعالى في موضع آخر: " كلا إنه تذكرة ". ويدل على أنه أراد القرآن قوله:
" فمن شاء ذكره " أي كان حافظا له غير ناس، وذكر الضمير، لان التذكرة في معنى الذكر والوعظ. وروى الضحاك عن ابن عباس في قول تعالى: " فمن شاء ذكره " قال من شاء الله تبارك وتعالى ألهمه. ثم أخبر عن جلالته فقال: " في صحف " جمع صحيفة " مكرمة " أي عند الله، قاله السدي. الطبري: " مكرمة " في الدين لما فيها من العلم والحكم. وقيل:
" مكرمة " لأنها نزل بها كرام الحفظة، أو لأنها نازلة من اللوح المحفوظ. وقيل: " مكرمة "
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست