وقال آخر:
إذا المرء أعطى نفسه كل ما اشتهت * ولم ينهها تاقت إلى كل باطل وساقت إليه الاثم والعار بالذي * دعته إليه من حلاوة عاجل وقال عمر لابنه عاصم: يا بنى، كل في نصف بطنك، ولا تطرح ثوبا حتى تستخلقه، ولا تكن من قوم يجعلون ما رزقهم الله في بطونهم وعلى ظهورهم. ولحاتم طي:
إذا أنت قد أعطيت بطنك سؤله * وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا (ولم يقتروا) قرأ حمزة والكسائي والأعمش وعاصم ويحيى بن وثاب على اختلاف عنهما " يقتروا " بفتح الياء وضم التاء، وهي قراءة حسنة، من قتر يقتر. وهذا القياس في اللازم، مثل قعد يقعد. وقرأ أبو عمرو بن العلاء وابن كثير بفتح الياء وكسر التاء، وهي لغة معروفة حسنة. وقرأ أهل المدينة وابن عامر وأبو بكر عن عاصم بضم الياء وكسر - التاء. قال الثعلبي:
كلها لغات صحيحة. النحاس: وتعجب أبو حاتم من قراءة أهل المدينة هذه، لان أهل المدينة عنده لا يقع في قراءتهم الشاذ، إنما يقال: أقتر يقتر إذا افتقر، كما قال عز وجل:
" وعلى المقتر قدره " وتأول أبو حاتم لهم أن المسرف يفتقر سريعا. وهذا تأويل بعيد، ولكن التأويل لهم أن أبا عمر الجرمي حكى عن الأصمعي أنه يقال للانسان إذا ضيق: قتر يقتر ويقتر، وأقتر يقتر. فعلى هذا تصح القراءة، وإن كان فتح الياء أصح وأقرب تناولا، وأشهر وأعرف. وقرأ أبو عمرو والناس " قواما " بفتح القاف، يعنى عدلا. وقرأ حسان ابن عبد الرحمن: " قواما " بكسر القاف، أي مبلغا وسدادا وملاك حال. والقوام بكسر القاف، ما يدوم عليه الامر ويستقر. وهما لغتان بمعنى. و " قواما " خبر كان، واسمها مقدر فيها، أي كان الانفاق بين الاسراف والقتر قواما، قاله الفراء. وله قول آخر يجعل " بين " اسم كان وينصبها، لان هذه الألفاظ كثير استعمالها فتركت على حالها في موضع الرفع.
قال النحاس: ما أدرى ما وجه هذا، لان " بينا " إذا كانت في موضع رفع رفعت، كما يقال:
بين عينيه أحمر.