قوله تعالى: أتل ما أوحى إليك من الكتب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون (45) فيه أربع مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (أتل) أمر من التلاوة والدءوب عليها. وقد مضى في " طه " (1) الوعيد فيمن أعرض عنها، وفي مقدمة الكتاب (2) الامر بالحض عليها. والكتاب يراد به القرآن.
الثانية - قوله تعالى: (وأقم الصلاة) الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته.
وإقامة الصلاة أداؤها في وقتها بقراءتها وركوعها وسجودها وقعودها وتشهدها وجميع شروطها.
وقد تقدم بيان ذلك في " البقرة " (3) فلا معنى للإعادة.
الثالثة - قوله تعالى: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) يريد إن الصلاة الخمس هي التي تكفر ما بينها من الذنوب، كما قال عليه السلام: " أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شئ " قالوا: لا يبقى من درنه شئ، قال:
" فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا " خرجه الترمذي من حديث أبي هريرة، وقال فيه حديث حسن صحيح. وقال ابن عمر: الصلاة هنا القرآن. والمعنى: الذي يتلى في الصلاة ينهى عن الفحشاء والمنكر، وعن الزنى والمعاصي قلت: ومنه الحديث الصحيح: " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين " يريد قراءة الفاتحة. وقال حماد بن أبي سليمان وابن جريج والكلبي: العبد ما دام في صلاته لا يأتي فحشاء ولا منكرا، أي إن الصلاة تنهى ما دمت فيها. قال ابن عطية: وهذه عجمة وأين هذا مما رواه أنس بن مالك قال: كان فتى من الأنصار يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا يدع شيئا من الفواحش والسرقة إلا ركبه، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: " إن الصلاة ستنهاه "