قال مجاهد وسعيد بن جبير: وقوله " إلا الذين ظلموا منهم " معناه إلا الذين نصبوا للمؤمنين الحرب فجدالهم بالسيف حتى يؤمنوا، أو يعطوا الجزية.
الثانية - قوله تعالى: (وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم) روى البخاري عن أبي هريرة: قال كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية، لأهل الاسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم " " وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم ". وروى عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تسألوا أهل الكتاب عن شئ فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا إما أن تكذبوا بحق وإما أن تصدقوا بباطل ". وفي البخاري: عن حميد بن عبد الرحمن سمع معاوية يحدث رهطا من قريش بالمدينة، وذكر كعب الأحبار فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب، وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب.
قوله تعالى: وما كنت تتلوا من قبله من كتب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون (48) فيه ثلاث مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (وما كنت تتلو من قبله من كتاب) الضمير في " قبله " عائد إلى الكتاب وهو القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، أي وما كنت يا محمد تقرأ قبله، ولا تختلف إلى أهل الكتاب، بل أنزلناه إليك في غاية الاعجاز والتضمين للغيوب وغير ذلك، فلو كنت ممن يقرأ كتابا، ويخط حروفا " لارتاب المبطلون " أي من أهل الكتاب، وكان لهم في ارتيابهم متعلق، وقالوا الذي نجده في كتبنا أنه أمي لا يكتب ولا يقرأ وليس به قال مجاهد: كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يخط ولا يقرأ فنزلت هذه الآية، قال النحاس: دليلا على نبوته لقريش، لأنه لا يقرأ ولا يكتب ولا يخالط أهل الكتاب ولم يكن بمكة أهل الكتاب فجاءهم بأخبار الأنبياء والأمم وزالت الريبة والشك.