قوله تعالى: (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم) اختلف في معنى وقع القول وفي الدابة، فقيل: معنى " وقع القول عليهم " وجب الغضب عليهم، قاله قتادة. وقال مجاهد: أي حق القول عليهم بأنهم لا يؤمنون. وقال أبن عمر وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهما: إذا لم يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر وجب السخط عليهم.
وقال عبد الله بن مسعود: وقع القول يكون بموت العلماء، وذهاب العلم، ورفع القرآن.
قال عبد الله: أكثروا تلاوة القرآن قبل أن يرفع، قالوا هذه المصاحف ترفع فكيف بما في صدور الرجال؟ قال: يسرى عليه ليلا فيصبحون منه قفرا، وينسون لا إله إلا الله، ويقعون في قول الجاهلية وأشعارهم، وذلك حين يقع القول عليهم.
قلت: أسنده أبو بكر البزار قال حدثنا عبد الله بن يوسف الثقفي قال حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن موسى بن عبيدة عن صفوان بن سليم عن ابن لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن أبيه أنه قال: أكثروا من زيارة هذا البيت من قبل أن يرفع وينسى الناس مكانه، وأكثروا تلاوة القرآن من قبل أن يرفع، قالوا: يا أبا عبد الرحمن هذه المصاحف ترفع فكيف بما في صدور الرجال؟ قال: فيصبحون فيقولون كنا نتكلم بكلام ونقول قولا فيرجعون إلى شعر الجاهلية وأحاديث الجاهلية، وذلك حين يقع القول عليهم. وقيل: القول هو قوله تعالى: " ولكن حق القول مني لأملأن جهنم " فوقوع القول وجوب العقاب على هؤلاء، فإذا صاروا إلى حد لا تقبل توبتهم ولا يولد لهم ولد مؤمن فحينئذ تقوم القيامة، ذكره القشيري.
وقول سادس: قالت حفصة بنت سيرين سألت أبا العالية عن قول الله تعالى: " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم " فقال: أوحى الله إلى نوح " إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن " وكأنما كان على وجهي غطاء فكشف. قال النحاس: وهذا من حسن الجواب، لان الناس ممتحنون ومؤخرون لان فيهم مؤمنين وصالحين، ومن قد علم الله عز وجل أنه سيؤمن ويتوب، فلهذا أمهلوا وأمرنا بأخذ الجزية، فإذا زال هذا وجب القول عليهم، فصاروا كقوم نوح حين قال الله تعالى: " إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ".