الله من الشرك الايمان وروى نحوه عن الحسن. قال الحسن: قوم يقولون التبديل في الآخرة، وليس كذلك، إنما لتبديل في الدنيا، يبدلهم الله إيمانا من الشرك، وإخلاصا من الشك، وإحصانا من الفجور. وقال الزجاج: ليس بجعل مكان السيئة الحسنة، ولكن بجعل مكان السيئة التوبة، والحسنة مع التوبة. وروى أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم:
(أن السيئات تبدل بحسنات ". وروي معناه عن سلمان الفارسي وسعيد بن جبير غيرهما.
وقال أبو هريرة: ذلك في الآخرة فيمن غلبت حسناته على سيئاته، فيبدل الله السيئات حسنات. وفي الخبر: " ليتمنين أقوام أنهم أكثروا من السيئات " فقيل: ومن هم؟
قال: " الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات ". رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره الثعلبي والقشيري. وقيل: التبديل عبارة عن الغفران، أي يغفر الله لهم تلك السيئات لا أن يبدلها حسنات.
قلت: فلا يبعد في كرم الله تعالى إذا صحت توبة العبد أن يضع مكان كل سيئة حسنة، وقد قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ: " اتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ".
وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لا علم آخر أهل الجنة دخولا الجنة وآخر أهل النار خروجا منها رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوا عنه كبارها فتعرض عليه صغار ذنوبه فيقال عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا فيقول نعم لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق في كبار ذنوبه أن تعرض عليه فيقال له فإن لك مكان كل سيئة حسنة فيقول يا رب قد عملت أشياء لا أراها ها هنا " فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه.
وقال أبو طويل (1): يا رسول الله، أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها ولم يترك منها شيئا، وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة إلا اقتطعها فهل له من توبة؟ قال: " هل أسلمت "؟ قال:
أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنك عبد الله ورسوله. قال: " نعم.