سورة العنكبوت مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر. ومدنية كلها في أحد قولي ابن عباس وقتادة. وفي القول الآخر لهما وهو قول يحيى بن سلام أنها مكية إلا عشر آيات من أولها، فإنها نزلت بالمدينة في شأن من كان من المسلمين بمكة. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
نزلت بين مكة والمدينة. وهي تسع وستون آية.
بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى: ألم (1) أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون (2) ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين (3) قوله تعالى: (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا امنا وهم لا يفتنون) تقدم القول في أوائل السور. وقال ابن عباس: المعنى أنا الله أعلم. وقيل: هو أسم للسورة وقل اسم للقرآن. " حسب " استفهام أريد به التقرير والتوبيخ ومعناه الظن.
" أن يتركوا " في موضع نصب ب " حسب " وهي وصلتها مقام المفعولين على قول سيبويه. و " أن " الثانية من " أن يقولوا " في موضع نصب على إحدى جهتين، بمعنى لان يقولوا أو بأن يقولوا أو على أن يقولوا. والجهة الأخرى أن يكون على التكرير، التقدير " ألم أحسب الناس أن يتركوا " احسبوا " أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون " قال ابن عباس وغيره: يريد بالناس قوما من المؤمنين كانوا بمكة، وكان الكفار من قريش يؤذونهم ويعذبونهم على الاسلام، كسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد وعمار بن ياسر وياسر أبوه وسمية أمه وعدة من بني مخزوم وغيرهم. فكانت صدورهم تضيق لذلك، وربما استنكر أن يمكن الله الكفار من المؤمنين، قال مجاهد وغيره: فنزلت هذه الآية مسلية ومعلمة أن هذه هي سيرة الله في عباده اختبارا للمؤمنين وفتنة. قال ابن عطية: وهذه الآية وإن كانت