الناس أكثر مما تردعهم حدود القرآن وهذا جهل بالله وحكمته. قال: فإن الله ما وضع الحدود إلا مصلحة عامة كافة قائمة لقوام الخلق، لا زيادة عليها، ولا نقصان معها، ولا يصلح سواها، ولكن الظلمة خاسوا بها، وقصروا عنها، وأتوا ما أتوا بغير نية، ولم يقصدوا وجه الله في القضاء بها، فلم يرتدع الخلق بها، ولو حكموا بالعدل، وأخلصوا النية، لاستقامت الأمور، وصلح الجمهور.
قوله تعالى: حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مسكنكم لا يحطمنكم سليمن وجنوده وهم لا يشعرون (18) فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت على وعلى ولدى وأن أعمل صلحا ترضه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين (19) فيه ست مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (حتى إذا أتوا على واد النمل) قال قتادة: ذكر لنا أنه واد بأرض الشام. وقال كعب: هو بالطائف. (قالت نملة يا أيها النمل) قال الشعبي: كان للنملة جناحان فصارت من الطير، فلذلك علم منطقها ولولا ذلك لما علمه. وقد مضى هذا ويأتي. وقرأ سليمان التيمي بمكة: " نملة " و " النمل " بفتح النون وضم الميم. وعنه أيضا ضمهما جميعا. وسميت النملة نملة لتنملها وهو كثرة حركتها وقلة قرارها. قال كعب: مر سليمان عليه السلام بوادي السدير من أودية الطائف، فأتى على وادي النمل، فقامت نملة تمشى وهي عرجاء تتكاوس مثل الذئب في العظم، فنادت: " يا أيها النمل " الآية. الزمخشري: سمع سليمان كلامها من ثلاثة أميال، وكانت تمشى وهي عرجاء تتكاوس، وقيل: كان اسمها طاخية.
وقال السهيلي: ذكروا اسم النملة المكلمة لسليمان عليه السلام، وقالوا اسمها حرميا، ولا أدري كيف يتصور للنملة اسم علم والنمل لا يسمى بعضهم بعضا، ولا الآدميون يمكنهم تسمية