وقال آخر:
حنت إلى النخلة القصوى فقلت لها * حجر حرام ألا تلك الدهاريس (1) وروى عن الحسن أنه قال: " ويقولون حجرا " وقف من قول المجرمين، فقال الله عز وجل:
" محجورا " عليهم أن يعاذوا أو يجاروا، فحجر الله ذلك عليهم يوم القيامة. والأول قول ابن عباس وبه قال الفراء، قاله ابن الأنباري. وقرأ الحسن وأبو رجاء " حجرا " بضم الحاء والناس على كسرها. وقيل: أن ذلك من قول الكفار قالوه لأنفسهم، قاله قتادة فيما ذكر الماوردي. وقيل: هو من قول الكفار للملائكة. وهي كلمة استعاذة وكانت معروفة في الجاهلية، فكان إذا لقي الرجل من يخافه قال: حجزا محجورا، أي حراما عليك التعرض لي.
وانتصابه على معنى: حجرت عليك، أو حجر الله عليك، كما تقول: سقيا ورعيا. أي إن المجرمين إذا رأوا الملائكة يلقونهم في النار قالوا: نعوذ بالله منكم، ذكره القشيري، وحكى معناه المهدى عن مجاهد. وقيل: " حجرا " من قول المجرمين. " محجورا " من قول الملائكة، أي قالوا للملائكة نعوذ بالله منكم أن تتعرضوا لنا. فنقول الملائكة: " محجورا " أن تعاذوا من شر هذا اليوم، قاله الحسن.
قوله تعالى: وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا (23) أصحب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا (24) قوله تعالى: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل) هذا تنبيه على عظم قدر يوم القيامة، أي قصدنا في ذلك إلى ما كان يعمله المجرمين من عمل بر عند أنفسهم. يقال: قدم فلان إلى أمر كذا أي قصده، وقال مجاهد: " قدمنا " أي عمدنا. وقال الراجز:
وقدم الخوارج الضلال * إلى عباد ربهم فقالوا * إن دمائكم لنا حلال