عدو الله ما أمره به خليله، فأنزل الله عز وجل: " ويوم يعض الظالم على يديه ". قال الضحاك: لما بصق عقبة في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع بصاقه في وجهه وشوى وجهه وشفتيه، حتى أثر في وجهه وأحرق خديه، فلم يزل أثر ذلك في وجهه حتى قتل.
وعضه يديه فعل النادم الحزين لأجل طاعته خليله. (يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) في الدنيا، يعنى طريقا إلى الجنة. (يا ويلتا) دعاء بالويل والثبور على محالفة الكافر ومتابعته.
(ليتني لم أتخذ فلانا خليلا) يعنى أمية، وكنى عنه ولم يصرح باسمه لئلا يكون هذا الوعد مخصوصا به ولا مقصورا، بل يتناول جميع من فعل مثل فعلهما. وقال مجاهد وأبو رجاء:
الظالم عام في كل ظالم، وفلان: الشيطان. واحتج لصاحب هذا القول بأن بعده " و كان الشيطان للانسان خذولا ". وقرأ الحسن " يا ويلتى " وقد مضى في " هود (1) " بيانه.
والخليل: الصاحب والصديق وقد مضى في " النساء (2) بيانه. (لقد أضلني عن الذكر) أي يقول هذا النادم: لقد أضلني من اتخذته في الدنيا خليلا عن القرآن والايمان به. وقيل:
" عن الذكر " أي عن الرسول. (وكان الشيطان للانسان خذولا) قيل: هذا من فول الله لا من قول الظالم. وتمام الكلام على هذا عند قوله: " بعد إذ جاءني ". والخذل الترك من الإعانة، ومنه خذلان إبليس للمشركين لما ظهر سراقة بن مالك، فلما رأى الملائكة تبرأ منهم. وكل من صد عن سبيل الله وأطيع في معصية الله فهو شيطان للانسان، خذولا عند نزول العذاب والبلاء. ولقد أحسن من قال:
تجنب قرين السوء واصرم حباله * فإن لم تجد عنه محيصا فداره وأحبب حبيب الصدق واحذر مراءه * تنل منه صفو الود ما لم تماره وفى الشيب ما ينهى الحليم عن الصبا * إذا اشتعلت نيرانه في عذاره آخر:
اصحب خيار الناس حيث لقيتهم * خير الصحابة من يكون عفيفا والناس مثل دراهم ميزتها * فوجدت منها فضة وزيوفا