وقيل: هو قدوم الملائكة، أخبر به عن نفسه تعالى فاعله (1). (فجعلناه هباء منثورا) أي لا ينفع به، أي أبطلناه بالكفر. وليس " هباء " من ذوات الهمز وإنما همزت لالتقاء الساكنين.
والتصغير هبي في موضع الرفع، ومن النحويين من يقول: هبي (2) في موضع الرفع، حكاه النحاس.
وواحده هباة والجمع أهباء. قال الحرث بن حلزة يصف [ناقة]:
فترى خلفها من الرجع والوقع * منينا كأنه أهباء (3) وروى الحرث عن علي قال: الهباء المنثور شعاع الشمس الذي يدخل من الكوه. وقال الأزهري: الهباء ما يخرج من الكوه في ضوء الشمس شبيه بالغبار. تأويله: إن الله تعالى أحبط أعمالهم حنى صارت بمنزلة الهباء المنثور. فأما الهباء المنبث فهو ما تثيره الخيل بسنابكها من الغبار. والمنبث المتفرق. وقال ابن عرفه: الهبوة والهباء التراب الدقيق.
الجوهري: ويقال له إذا ارتفع هبا يهبو هبوا وأهبيته أنا. والهبوة الغبرة. قال رؤبة:
تبدو لنا أعلامه بعد الغرق * في قطع الآل وهبوات الدقق (4) وموضع هابي التراب أي كأن ترابه مثل الهباء في الرقة. وقيل: إنه ما ذرته الرياح من يا بس أوراق الشجر، قاله قتادة وابن عباس. وقال ابن عباس أيضا: إنه الماء المهراق.
وقيل: إنه الرماد، قاله عبيد (5) بن يعلى.
قوله تعالى: (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا).
تقدم القول فيه عند قوله تعالى " قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون " (6).
قال النحاس: والكوفيون يجيزون " العسل أحلى من الخل " وهذا قول مردود، لان معنى فلان خير من فلان أنه أكثر خيرا منه ولا حلاوة في الخل. ولا يجوز أن يقال: النصراني خير من اليهودي، لأنه لا خير فيهما فيكون أحدهما أزيد في الخير. لكن يقال: اليهودي شر