الخامسة - قوله تعالى: (واجتنبوا قول الزور) والزور: الباطل والكذب.
وسمى زورا لأنه أميل عن الحق، ومنه " تزاور عن كهفهم " (1)، [الكهف: 17]، ومدينة زوراء، أي مائلة.
وكل ما عدا الحق فهو كذب وباطل وزور. وفي الخبر أنه عليه السلام قام خطيبا فقال:
(عدلت شهادة الزور الشرك بالله) قالها مرتين أو ثلاثا. يعنى أنها قد جمعت مع عبادة الوثن في النهى عنها.
السادسة - هذه الآية تضمنت الوعيد على الشهادة بالزور، وينبغي للحاكم إذا عثر على الشاهد بالزور أن يعززه وينادى عليه ليعرف لئلا يغتر بشهادته أحد. ويختلف الحكم في شهادته إذا تاب، فإن كان من أهل العدالة المشهور بها المبرز فيها لم تقبل، لأنه لا سبيل إلى علم حاله في التوبة، إذ لا يستطيع أن يفعل من القربات أكثر مما هو عليه. وإن كان دون ذلك فشمر في العبادة وزادت حاله في التقى قبلت شهادته. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن أكبر الكبائر الاشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور وقول الزور). وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا فجلس فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت.
السابعة - (حنفاء لله) معناه مستقيمين أو مسلمين مائلين إلى الحق. ولفظة " حنفاء " من الأضداد تقع على الاستقامة وتقع على الميل. و " حنفاء " نصب على الحال.
وقيل: " حنفاء " حجاجا، وهذا تخصيص لا حجة معه.
الثامنة - قوله تعالى: (ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء) أي هو يوم القيامة بمنزلة من لا يملك لنفسه نفعا ولا يدفع عن نفسه ضرا ولا عذابا، فهو بمنزلة من خر من السماء، فهو لا يقدر أن يدفع عن نفسه. ومعنى، (فتخطفه الطير) أي تقطعه بمخالبها.
وقيل: هذا عند خروج روحه وصعود الملائكة بها إلى سماء الدنيا، فلا يفتح لها فيرمى بها إلى الأرض، كما في حديث البراء، وقد ذكرناه في التذكرة. والسحيق: البعيد، ومنه قوله تعالى: " فسحقا لأصحاب السعير " (2) [الملك: 11]، وقوله عليه الصلاة والسلام: (فسحقا فسحقا).