قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يثب من فوق رؤوسهم الحميم (19) يصهر به ما في بطونهم والجلود (20) ولهم مقمع من حديد (21) قوله تعالى: (هذان خصمان اختصموا في ربهم) خرج مسلم عن قيس بن عباد قال:
سمعت أبا ذر يقسم قسما إن " هذان خصمان اختصموا في ربهم " إنها نزلت في الذين برزوا يوم بدر: حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة.
وبهذا الحديث ختم مسلم رحمه الله كتابه. وقال ابن عباس: نزلت هذه الآيات الثلاث على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة في ثلاثة نفر من المؤمنين وثلاثة نفر كافرين، وسماهم، كما ذكر أبو ذر. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إني لأول من يجثو للخصومة بين يدي الله يوم القيامة، يريد قصته في مبارزته هو وصاحباه، ذكره البخاري. وإلى هذا القول ذهب هلال بن يساف وعطاء بن يسار وغيرهما. وقال عكرمة: المراد بالخصمين الجنة والنار، اختصمتا فقالت النار: خلقني لعقوبته. وقالت الجنة: خلقني لرحمته.
قلت: وقد ورد بتخاصم الجنة والنار حديث عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (احتجت الجنة والنار فقالت هذه يدخلني الجبارون والمتكبرون وقالت هذه يدخلني الضعفاء والمساكين فقال الله تعالى لهذه أنت عذابي أعذب بك من أشاء وقال لهذه أنت رحمتي أرحم بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها). خرجه البخاري ومسلم والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وقال ابن عباس أيضا: هم أهل الكتاب قالوا للمؤمنين: نحن أولى بالله منكم، وأقدم منكم كتابا، ونبينا قبل نبيكم. وقال المؤمنون: نحن أحق بالله منكم، آمنا بمحمد وآمنا بنبيكم وبما أنزل إليه من كتاب، وأنتم تعرفون نبينا وتركتموه وكفرتم به حسدا، فكانت هذه خصومتهم، وأنزلت فيهم هذه الآية. وهذا قول قتادة، والقول الأول أصح رواه البخاري عن حجاج بن منهال عن هشيم عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن