" من أساور من ذهب ولؤلؤا " [فاطر: 33] وقال في سورة الانسان (1): " وحلوا أساور من فضة " [الانسان: 21].
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول: (تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء). وقيل: تحلى النساء بالذهب والرجال بالفضة. وفيه نظر، والقرآن يرده. (ولؤلؤا) قرأ نافع وابن القعقاع وشيبة وعاصم هنا وفي سورة الملائكة (2):
" لؤلؤا " بالنصب، على معنى ويحلون لؤلؤا، واستدلوا بأنها مكتوبة في جميع المصاحف هنا بألف. وكذلك قرأ يعقوب والجحدري وعيسى بن عمر بالنصب هنا والخفض في " فاطر " اتباعا للمصحف، ولأنها كتبت هاهنا بألف وهناك بغير ألف. الباقون (3 * بالخفض في الموضعين.
وكان أبو بكر لا يهمز " اللؤلؤ " في كل القرآن، وهو ما يستخرج من البحر من جوف الصدف.
قال القشيري: والمراد ترصيع السوار باللؤلؤ، ولا يبعد أن يكون في الجنة سوار من لؤلؤ مصمت (4).
قلت: وهو ظاهر القرآن بل نصه. وقال ابن الأنباري: من قرأ " لؤلؤ " بالخفض وقف عليه ولم يقف على الذهب. وقال السجستاني: من نصب " اللؤلؤ " فالوقف الكافي " من ذهب "، لان المعنى ويحلون لؤلؤ. قال ابن الأنباري: وليس كما قال، لأنا إذا خفضنا " اللؤلؤ " نسقناه على لفظ الأساور، وإذا نصبناه نسقناه على تأويل الأساور، وكأنا قلنا: يحلون فيها أساور ولؤلؤا، فهو في النصب بمنزلته في الخفض، فلا معنى لقطعه من (5) الأول.
قوله تعالى: (ولباسهم فيها حرير) أي وجميع ما يلبسونه من فرشهم ولباسهم وستورهم حرير، وهو أعلى مما في الدنيا بكثير. وروى النسائي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة ومن شرب في آنية الذهب والفضة لم يشرب فيها في الآخرة - ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - لباس أهل الجنة وشراب أهل الجنة وآنية أهل الجنة). فإن قيل:
قد سوى النبي صلى الله عليه وسلم بين هذه الأشياء الثلاثة وأنه يحرمها في الآخرة، فهل يحرمها