يكون أشد حرا منه. وقيل: المعنى أن النار قد أحاطت بهم كإحاطة الثياب المقطوعة إذا لبسوها عليهم، فصارت من هذا الوجه ثيابا لأنها بالإحاطة كالثياب، مثل: " وجعلنا الليل لباسا " (1) [النبأ: 10].
(يصب من فوق رؤوسهم الحميم) أي الماء الحار المغلى بنار جهنم. وروى الترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الحميم حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه وهو الصهر ثم يعاد كما كان). قال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
(يصهر) يذاب.
(به ما في بطونهم) والصهر إذابة الشحم. والصهارة ما ذاب منه، يقال: صهرت الشئ فانصهر، أي أذبته فذاب، فهو صهير. قال ابن أحمر يصف فرخ قطاة:
تروي لقى ألقي في صفصف * تصهره الشمس فما ينصهر (2) أي تذيبه الشمس فيصبر على ذلك.
(والجلود) أي وتحرق الجلود، أو تشوى الجلود، فإن الجلود لا تذاب، ولكن يضم في كل شئ ما يليق به، فهو كما تقول: أتيته فأطعمني ثريدا، إي والله ولبنا قارصا (3)، أي وسقاني لبنا. وقال الشاعر:
* علفتها تبنا وماء باردا * (ولهم مقامع من حديد) أي يضربون بها ويدفعون، الواحدة مقمعة، ومقمع أيضا كالمحجن، يضرب به على رأس الفيل. وقد قمعته إذا ضربته بها. وقمعته وأقمعته بمعنى، أي قهرته وأذللته فانقمع. قال ابن السكيت: أقمعت الرجل عنى إقماعا إذا طلع عليك فرددته عنك. وقيل: المقامع المطارق، وهي المرازب أيضا. وفي الحديث (بيد كل ملك من خزنة جهنم مرزبة لها شعبتان فيضرب الضربة فيهوي بها سبعين ألفا). وقيل: المقامع سياط من نار، وسميت بذلك لأنها تقمع المضروب، أي تذلله.