قوله تعالى: يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد (2) قوله تعالى: (يوم ترونها) الهاء في " ترونها " عائدة عند الجمهور على الزلزلة، ويقوي هذا وقوله عز وجل. " تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها ".
والرضاع والحمل إنما هو في الدنيا. وقالت فرقة: الزلزلة في يوم القيامة، واحتجوا بحديث عمران بن حصين الذي ذكرناه، وفيه: " أتدرون أي يوم ذلك... " الحديث. وهو الذي يقتضيه سياق مسلم في حديث أبي سعيد الخدري.
قوله: " تذهل " أي تشتغل، قاله قطرب. وأنشد:
ضربا (1) يزيل الهام عن مقيله * ويذهل الخليل عن خليله وقيل: تنسى. وقيل تلهو. وقيل: تسلو، والمعنى متقارب. " عما أرضعت " قال المبرد: " ما " بمعنى المصدر، أي تذهل عن الارضاع. قال: وهذا يدل على أن هذه الزلزلة في الدنيا، إذ ليس بعد البعث حمل وإرضاع. إلا أن يقال: من ماتت حاملا تبعث حاملا فتضع حملها للهول. ومن ماتت مرضعة بعثت كذلك. ويقال: هذا كما قال الله عز وجل: " يوما يجعل الولدان شيبا " (2) [المزمل: 17]. وقيل: تكون مع النفخة الأولى.
وقيل: تكون مع قيام الساعة، حتى يتحرك الناس من قبورهم في النفخة الثانية. ويحتمل أن تكون الزلزلة في الآية عبارة عن أهوال يوم القيامة، كما قال تعالى: " مستهم البأساء والضراء وزلزلوا " (3) [البقرة: 214]. وكما قال عليه السلام: " اللهم أهزمهم وزلزلهم ". وفائدة ذكر هول ذلك اليوم التحريض على التأهب له والاستعداد بالعمل الصالح. وتسمية الزلزلة ب " شئ " إما لأنها