قال فذاك حين يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ". قال: فاشتد ذلك عليهم، قالوا: يا رسول الله، أينا ذلك الرجل؟ فقال: " أبشروا فإن من يأجوج ومأجوج ألفا ومنكم رجل ". وذكر الحديث بنحو ما تقدم في حديث عمران بن حصين. وذكر أبو جعفر النحاس قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن نافع قال حدثنا سلمة قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم - إلى - ولكن عذاب الله شديد " قال: نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مسير له، فرفع بها صوته حتى ثاب إليه أصحابه فقال: " أتدرون أي يوم هذا هذا يوم يقول الله عز وجل لادم صلى الله عليه وسلم يا آدم قم فابعث بعث أهل النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة ". فكبر ذلك على المسلمين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سدوا وقاربوا وأبشروا فوالذي نفسي بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الحمار وإن معكم الخليقتين ما كانتا مع شئ إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج ومن هلك من كفرة الجن والإنس ".
قوله تعالى: " يا أيها الناس اتقوا ربكم " المراد بهذا النداء المكلفون، أي اخشوه في أوامره أن تتركوها، ونواهيه أن تقدموا عليها. والاتقاء: الاحتراس من المكروه، وقد تقدم في أول " البقرة " القول فيه مستوفى (1)، فلا معنى لإعادته. والمعنى: احترسوا بطاعته عن عقوبته.
قوله تعالى: " إن زلزلة الساعة شئ عظيم " الزلزلة شدة الحركة، ومنه " وزلزلوا حتى يقول الرسول " (2) [البقرة: 214]. وأصل الكلمة من زل عن الموضع، أي زال عنه وتحرك. وزلزل الله قدمه، أي حركها. وهذه اللفظة تستعمل في تهويل الشئ. وقيل: هي الزلزلة المعروفة التي هي إحدى شرائط الساعة، التي تكون في الدنيا قبل يوم القيامة، هذا قول الجمهور. وقد قيل: إن هذه الزلزلة تكون في النصف من شهر رمضان، ومن بعدها طلوع الشمس من مغربها، فالله أعلم.