يقال: أوعب بنو فلان لبني فلان إذا جاءوهم بأجمعهم. وقال ابن السكيت: يقال أوعب بنو فلان جلاء، فلم يبق ببلدهم منهم أحد. وجاء الفرس بركض وعيب، أي بأقصى ما عنده.
وفي الحديث: (في الانف إذا استوعب جدعه الدية) إذا لم يترك منه شئ. واستيعاب الشئ استئصاله. ويقال: بيت وعيب إذا كان واسعا يستوعب كل ما جعل فيه. والضمني هم الزمنى، واحدهم ضمن زمن. قال النحاس: وهذا القول من أجل ما روي في الآية، لما فيه عن الصحابة والتابعين من التوقيف أن الآية نزلت في شئ بعينه. قال ابن العربي:
وهذا كلام منتظم لأجل تخلفهم عنهم في الجهاد وبقاء أموالهم بأيديهم، لكن قوله " أو ما ملكتم مفاتحه " قد اقتضاه، فكان هذا القول بعيدا جدا. لكن المختار أن يقال: إن الله رفع الحرج عن الأعمى فيما يتعلق بالتكليف الذي يشترط فيه البصر، وعن الأعرج فيما يشترط في التكليف به من المشي، وما يتعذر من الافعال مع وجود العرج، وعن المريض فيما يؤثر المرض في إسقاطه، كالصوم وشروط الصلاة وأركانها، والجهاد ونحو ذلك. ثم قال بعد ذلك مبينا: وليس عليكم حرج في أن تأكلوا من بيوتكم. فهذا معنى صحيح، وتفسير بين مفيد، ويعضده الشرع والعقل، ولا يحتاج في تفسير الآية إلى نقل.
قلت: وإلى هذا أشار ابن عطية فقال: فظاهر الآية وأمر الشريعة يدل على أن الحرج عنهم مرفوع في كل ما يضطرهم إليه العذر، وتقتضي نيتهم فيه الاتيان بالأكمل، ويقتضي العذر أن يقع منهم الأنقص، فالحرج مرفوع عنهم في هذا. فأما ما قال الناس في هذا الحرج هنا وهي:
الثانية - فقال ابن زيد: وهو الحرج في الغزو، أي لا حرج عليهم في تأخرهم.
وقوله تعالى: " ولا على أنفسكم " الآية، معنى مقطوع من الأول. وقالت فرقة: الآية كلها في معنى المطاعم. قالت: وكانت العرب ومن بالمدينة قبل المبعث تتجنب الاكل مع أهل الاعذار، فبعضهم كان يفعل ذلك تقذرا لجولان اليد من الأعمى، ولانبساط الجلسة من الأعرج، ولرائحة المريض وعلاته، وهي أخلاق جاهلية وكبر، فنزلت الآية مؤذنة.