فتكون إصابته نقمة، وصرفه نعمة. وقد مضى في " البقرة " (1). و " الرعد " (2) أن من قال حين يسمع الرعد: سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثلاثا عوفي مما يكون في ذلك الرعد. (يكاد سنا برقه) أي ضوء ذلك البرق الذي في السحاب (يذهب بالابصار) من شدة بريقه وضوئه. قال الشماخ:
وما كادت إذا رفعت سناها * ليبصر ضوءها إلا البصير وقال امرؤ القيس:
يضئ سناه أو مصابيح راهب * أهان السليط في الذبال المفتل فالسنا (مقصور) ضوء البرق. والسنا أيضا نبت يتداوى به. والسناء من الرفعة ممدود. وكذلك قرأ طلحة بن مصرف " سناء " بالمد على المبالغة من شدة الضوء والصفاء، فأطلق عليه اسم الشرف. قال المبرد: السنا (مقصور) وهو اللمع، فإذا كان من الشرف والحسب فهو ممدود، وأصلهما واحد وهو الالماع (4). وقرأ طلحة بن مصرف: " سناء برقه " قال أحمد بن يحيى:
وهو جمع برقة. قال النحاس: البرقة المقدار من البرق، والبرقة المرة الواحدة. وقرأ الجحدري وابن القعقاع: " يذهب بالابصار " بضم الياء وكسر الهاء، من الا ذهاب، وتكون الباء في " بالابصار " صلة زائدة. الباقون " يذهب بالابصار " بفتح الياء والهاء، والباء للالصاق.
والبرق دليل على تكاثف السحاب، وبشير بقوة المطر، ومحذر من نزول الصواعق. (يقلب الله الليل والنهار) قيل: تقليبهما أن يأتي بأحدهما بعد الاخر. وقيل: تقليبهما نقصهما وزيادتهما وقيل: هو تغيير النهار بظلمة السحاب مرة وبضوء الشمس أخرى، وكذا الليل مرة بظلمة السحاب ومرة بضوء القمر، قاله النقاش. وقيل: تقليبهما باختلاف ما يقدر فيهما من خير وشر ونفع وضر. (إن في ذلك) أي في الذي ذكرناه من تقلب الليل والنهار، وأحوال المطر والصيف والشتاء (لعبرة) أي اعتبارا (لأولي الابصار) أي لأهل البصائر من خلقي.