الثاني - أنه المطر، قاله الجمهور. ومنه قول الشاعر:
فلا مزنة ودقت ودقها * ولا أرض أبقل إبقالها وقال امرؤ القيس:
فدمعهما ودق وسح وديمة * وسكب وتوكاف وتنهملان يقال: ودقت السحابة فهي وادقة. وودق المطر يدق ودقا، أي قطر. وودقت إليه دنوت منه. وفي المثل: ودق العير (1) إلى الماء، أي دنا منه. يضرب لمن خضع للشئ لحرصه عليه. والموضع مودق. وودقت [به] ودقا استأنست به. ويقال لذات الحافر إذا أرادت الفحل: ودقت تدق ودقا، وأودقت واستودقت. وأتان ودوق وفرس ودوق، ووديق أيضا، وبها وداق. والوديقة: شدة الحر. وخلال جمع خلل، مثل الجبل والجبال، وهي فرجه ومخارج القطر منه. وقد تقدم في " البقرة " (2) أن كعبا قال: إن السحاب غربال المطر، لولا السحاب حين ينزل الماء من السماء لأفسد ما يقع عليه من الأرض. وقرأ ابن عباس والضحاك وأبو العالية: " من خلله " على التوحيد. وتقول: كنت في خلال القوم، أي وسطهم.
(وينزل من السماء من جبال فيها من برد) قيل: خلق الله في السماء جبالا من برد، فهو ينزل منها بردا، وفيه إضمار، أي ينزل من جبال البرد بردا، فالمفعول محذوف. ونحو هذا قول الفراء، لان التقدير عنده: من جبال برد، فالجبال عنده هي البرد. و " برد " في موضع خفض، ويجب أن يكون على قوله المعنى: من جبال برد فيها، بتنوين جبال. وقيل:
إن الله تعالى خلق في السماء جبالا فيها برد، فيكون التقدير: وينزل من السماء من جبال فيها برد. و " من " صلة. وقيل: المعنى وينزل من السماء قدر جبال، أو مثل جبال من برد إلى الأرض، ف " - من " الأولى للغاية لان ابتداء الانزال من السماء، والثانية للتبعيض، لان البرد بعض الجبال، والثالثة لتبيين الجنس، لان جنس تلك الجبال من البرد. وقال الأخفش:
إن " من " في الجبال و " برد " زائدة في الموضعين، والجبال والبرد في موضع نصب، أي ينزل من السماء بردا يكون كالجبال. والله أعلم.
(فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء)