لوى عنقه مرحا وتعظما. والمعنى الاخر: وهو قول الفراء: أن التقدير: ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ثاني عطفه، أي معرضا عن الذكر، ذكره النحاس. وقال مجاهد وقتادة: لاويا عنقه كفرا. ابن عباس: معرضا عما يدعى إليه كفرا. والمعنى واحد.
وروى الأوزاعي عن مخلد بن حسين عن هشام بن حسان عن ابن عباس في قوله عز وجل:
" ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله " قال: هو صاحب البدعة. المبرد: العطف ما انثنى من العنق. وقال المفضل: والعطف الجانب، ومنه قولهم: فلان ينظر في أعطافه، أي في جوانبه.
وعطفا الرجل من لدن رأسه إلى وركه. وكذلك عطفا كل شئ جانباه. ويقال: ثنى فلان عني عطفه إذا أعرض عنك. فالمعنى: أي هو معرض عن الحق في جداله ومول عن النظر في كلامه، وهو كقوله تعالى: " ولى مستكبرا كأن لم يسمعها " (1) [لقمان: 7]. وقوله تعالى:
" لووا رؤوسهم " (2) [المنافقون: 5]. وقوله: " أعرض ونأى بجانبه " (3) [الاسراء: 83]. وقوله: " ذهب إلى أهله يتمطى " (4) [القيامة: 33].
(ليضل عن سبيل الله) أي عن طاعة الله تعالى. وقرئ " ليضل " بفتح الياء. واللام لام العاقبة، أي يجادل فيضل، كقوله تعالى: " ليكون لهم عدوا وحزنا " (5) [القصص: 8]. أي فكان لهم كذلك. ونظيره " إذا فريق منكم بربهم يشركون. ليكفروا " (3) [النحل: 54 - 55]. (له في الدنيا خزي) أي هوان وذل بما يجري له من الذكر القبيح على ألسنة المؤمنين إلى يوم القيامة، كما قال:
" ولا تطع كل حلاف مهين " (4) [القلم: 10] الآية. وقوله تعالى: " تبت يدا أبي لهب وتب " (6) [المسد: 1]. وقيل:
الخزي هاهنا القتل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قتل النضر بن الحارث يوم بدر صبرا، كما تقدم في آخر الأنفال. (ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق) أي نار جهنم.
(ذلك بما قدمت يداك) أي يقال له في الآخرة إذا دخل النار: ذلك العذاب بما قدمت يداك من المعاصي والكفر. وعبر باليد عن الجملة، لان اليد التي تفعل وتبطش للجملة.
و " ذلك " بمعنى هذا، كما تقدم في أول البقرة. (7)