عليه بقدر سعايته وإن كره السيد. قال الشافعي: لا بد فيها من أجل، وأقلها ثلاثة أنجم.
واختلفوا إذا وقعت على نجم واحد فأكثر أهل العلم يجيزونها على نجم واحد. وقال الشافعي:
لا تجوز على نجم واحد، ولا تجوز حالة ألبتة، وإنما ذلك عتق على صفة، كأنه قال: إذا أديت كذا وكذا فأنت حر وليست كتابة. قال ابن العربي: اختلف العلماء والسلف في الكتابة إذا كانت حالة على قولين، واختلف قول علمائنا كاختلافهم. والصحيح في النظر أن الكتابة مؤجلة، كما ورد بها الأثر في حديث بريرة حين كاتبت أهلها على تسع أواق في كل عام أوقية، وكما فعلت الصحابة، ولذلك سميت كتابة لأنها تكتب ويشهد عليها، فقد استوسق (1) الاسم والأثر، وعضده المعنى، فإن المال إن جعله حالا وكان عند العبد شئ فهو مال مقاطعة وعقد مقاطعة لا عقد كتابة. وقال ابن خويز منداد: إذا كاتبه على مال معجل كان عتقا على مال، ولم تكن كتابة. وأجاز غيره من أصحابنا الكتابة الحالة وسماها قطاعة، وهو القياس، لان الاجل فيها إنما هو فسحة للعبد في التكسب. ألا ترى أنه لو جاء بالمنجم عليه قبل محله لوجب على السيد أن يأخذه ويتعجل للمكاتب عتقه. وبجواز (2) الكتابة الحالة، قال الكوفيون.
قلت: لم يرد عن مالك نص في الكتابة الحالة، والأصحاب يقولون: إنها جائزة، ويسمونها قطاعة. وأما قول الشافعي إنها لا تجوز على أقل من ثلاثة أنجم فليس بصحيح، لأنه لو كان صحيحا لجاز لغيره أن يقول: لا يجوز على أقل من خمسة نجوم، لأنها أقل النجوم التي كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في بريرة، وعلم بها النبي صلى الله عليه وسلم وقضى فيها، فكان بصواب الحجة أولى. روى البخاري عن عائشة أن بريرة دخلت عليها تستعينها في كتابتها وعليها خمسة أواق نجمت عليها في خمس سنين... الحديث. كذا قال الليث عن يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة: وعليها خمسة أواق نجمت عليها في خمس سنين. وقال أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت:
جاءت بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواق... الحديث. وظاهر الروايتين