محرم ولا يدخل فيه ملك اليمين لأنه بنص آخر مباح، وهو قوله تعالى: " أو ما ملكت أيمانكم " فجاءت فيه زيادة، ويبقى على التحريم الاستمناء ردا على أحمد (1). وكذلك يخرج عنه نكاح المتعة بنسخه، وقد تقدم هذا في [أول] (1) " المؤمنون ".
قوله تعالى: (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم أن علمتم فيهم خيرا) فيه ست عشرة مسألة:
الأولى - قوله تعالى: (والذين يبتغون الكتاب) " الذين " في موضع رفع. وعند الخليل وسيبويه في موضع نصب على إضمار فعل، لان بعده أمرا. ولما جرى ذكر العبيد والإماء فيما سبق وصل به أن العبد إن طلب الكتاب فالمستحب كتابته، فربما يقصد بالكتابة أن يستقل ويكتسب ويتزوج إذا أراد، فيكون أعف له. قيل: نزلت في غلام لحويطب ابن عبد العزى يقال له صبح - وقيل: صبيح - طلب من مولاه أن يكاتبه فأبى، فأنزل الله تعالى هذه الآية، فكاتبه حويطب على مائة دينار ووهب له منها عشرين دينارا فأداها، وقتل بحنين في الحرب، ذكره القشيري وحكاه النقاش. وقال مكي: هو صبيح القبطي غلام حاطب بن أبي بلتعة. وعلى الجملة فإن الله تعالى أمر المؤمنين كافة أن يكاتب منهم كل من له مملوك وطلب المملوك الكتابة وعلم سيده منه خيرا.
الثانية - الكتاب والمكاتبة سواء، مفاعلة مما لا تكون إلا بين اثنين، لأنها معاقدة بين السيد وعبده، يقال: كاتب يكاتب كتابا ومكاتبة، كما يقال: قاتل قتالا ومقاتلة.
فالكتاب في الآية مصدر كالقتال والجلاد والدفاع. وقيل: الكتاب ها هنا هو الكتاب المعروف الذي يكتب فيه الشئ، وذلك أنهم كانوا إذا كاتبوا العبد كتبوا عليه وعلى أنفسهم بذلك كتابا. فالمعنى يطلبون العتق الذي يكتب به الكتاب فيدفع إليهم.
الثالثة - معنى المكاتبة في الشرع: هو أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه منجما عليه، فإذا أداه فهو حر. ولها حالتان: الأولى - أن يطلبها العبد ويجيبه السيد، فهذا