(قالوا مثل ما قال الأولون قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون) هذا لا يكون ولا يتصور. (لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل) أي من قبل مجئ محمد صلى الله عليه وسلم، فلم نر له حقيقة. (إن هذا) أي ما هذا (إلا أساطير الأولين) أي أباطيلهم وترهاتهم، وقد تقدم هذا كله. قال الله تعالى: (قل) يا محمد جوابا لهم عما قالوه (لمن الأرض ومن فيها) يخبر بربوبيته ووحدانيته وملكه الذي لا يزول، وقدرته التي لا تحول، ف (سيقولون لله) ولا بد لهم من ذلك. ف (قل أفلا تذكرون) أي أفلا تتعظون وتعلمون أن من قدر على خلق ذلك ابتداء فهو على إحياء الموتى بعد موتهم قادر. (قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم. سيقولون لله قل أفلا تتقون) يريد أفلا تخافون حيث تجعلون لي ما تكرهون، زعمتم أن الملائكة بناتي، وكرهتم لأنفسكم البنات.
(قل من بيده ملكوت كل شئ) يريد السماوات وما فوقها وما بينهن، والأرضين وما تحتهن وما بينهن، وما لا يعلمه أحد إلا هو. وقال مجاهد: " ملكوت كل شئ " خزائن كل شئ.
الضحاك: ملك كل شئ. والملكوت من صفات المبالغة كالجبروت والرهبوت، وقد مضى في " الانعام (1) ". (وهو يجير ولا يجار عليه) أي يمنع ولا يمنع منه. وقيل: " يجير " يؤمن من شاء. " ولا يجار عليه " أي لا يؤمن من أخافه. ثم قيل: هذا في الدنيا، أي من أراد الله إهلاكه وخوفه لم يمنعه منه مانع، ومن أراد نصره وأمنه لم يدفعه من نصره وأمنه دافع.
وقيل: هذا في الآخرة، أي لا يمنعه من مستحق الثواب مانع ولا يدفعه عن مستوجب العذاب دافع. (فأنى تسحرون) أي فكيف تخدعون وتصرفون عن طاعته وتوحيده.
أو كيف يخيل إليكم أن تشركوا به مالا يضر ولا ينفع! والسحر هو التخييل. وكل هذا احتجاج على العرب المقرين بالصانع. وقرأ أبو عمرو: " سيقولون الله " في الموضعين الأخيرين، وهي قراءة أهل العراق. الباقون: " لله "، ولا خلاف في الأول أنه " لله "، لأنه جواب ل " قل لمن الأرض ومن فيها " فلما تقدمت اللام في " لمن " رجعت في الجواب. ولا خلاف أنه