تفسير القرطبي - القرطبي - ج ١٢ - الصفحة ١٤٦
مكتوب في جميع المصاحف بغير ألف. وأما من قرأ: " سيقولون الله " فلان السؤال بغير لام فجاء الجواب على لفظه، وجاء في الأول " لله " لما كان السؤال باللام. وأما من قرأ: " لله " باللام في الأخيرين وليس في السؤال لام فلان معنى " قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ": قل لمن السماوات السبع ورب العرش العظيم. فكان الجواب " لله "، حين قدرت اللام في السؤال. وعلة الثالثة كعلة الثانية. وقال الشاعر:
إذا قيل من رب المزالف والقرى * ورب الجياد الجرد قلت لخالد (1) أي لمن المزالف، [والمزالف: البراغيل وهي البلاد التي بين الريف والبر: الواحدة مزلفة (2)].
ودلت هذه الآيات على جواز جدال الكفار وإقامة الحجة عليهم. وقد تقدم في " البقرة (3) ".
ونبهت على أن من ابتدأ بالخلق والاختراع والايجاد والابداع هو المستحق للألوهية والعبادة.
قوله تعالى: بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون (90) ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحن الله عما يصفون (91) علم الغيب والشهدة فتعالى عما يشركون (92) قوله تعالى: (بل أتيناهم بالحق) أي بالقول الصدق، لا ما تقوله الكفار من إثبات الشريك ونفى البعث. (وإنهم لكاذبون) أن الملائكة بنات الله. فقال الله تعالى:
(ما اتخذ الله من ولد) " من " صلة. (وما كان معه من إله) " من " زائدة، والتقدير:
ما اتخذ الله ولدا كما زعمتم، ولا كان معه إله فيما خلق. وفي الكلام حذف، والمعنى: لو كانت معه آلهة لا نفرد كل إله بخلقه. (ولعلا بعضهم على بعض) أي ولغالب وطلب القوى الضعيف كالعادة بين الملوك، وكان الضعيف المغلوب لا يستحق الإلهية. وهذا الذي يدل على نفى الشريك يدل على نفى الولد أيضا، لان الولد ينازع الأب في الملك منازعة الشريك.

(1) الأجرد من الخيل والدواب: القصير الشعر.
(2) من ب.
(3) راجع ج 3 ص 286.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست