هذا تستعمله العرب على معنى التوقيف والتقبيح، فيقولون: الخير أحب إليك أم الشر، أي قد أخبرت الشر فتجنبه، وقد عرفوا رسولهم وأنه من أهل الصدق والأمانة، ففي اتباعه النجاة والخير لولا العنت. قال سفيان: بلى! قد عرفوه ولكنهم حسدوه!
قوله تعالى: أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون (70) قوله تعالى: (أم يقولون به جنة) أي أم يحتجون في ترك الايمان به بأنه مجنون، فليس هو هكذا! لزوال أمارات الجنون عنه. (بل جاءهم بالحق) يعنى القرآن والتوحيد الحق والدين الحق. (وأكثرهم) أي كلهم (للحق كارهون) حسدا وبغيا وتقليدا.
قوله تعالى: ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكر هم فهم عن ذكر هم معرضون (71) قوله تعالى: (ولو اتبع الحق) " الحق " هنا هو الله سبحانه وتعالى، قاله الأكثرون، منهم مجاهد وابن جريج وأبو صالح وغيرهم. وتقديره في العربية: ولو اتبع صاحب الحق، قاله النحاس. وقد قيل: هو مجاز، أي لو وافق الحق أهواءهم، فجعل موافقته اتباعا مجازا، أي لو كانوا يكفرون بالرسل ويعصون الله عز وجل ثم لا يعاقبون ولا يجازون على ذلك إما عجزا وإما جهلا لفسدت السماوات والأرض. وقيل: المعنى ولو كان الحق ما يقولون من اتخاذ آلهة مع الله تعالى لتنافت الالهة، وأراد بعضهم ما لا يريده بعض، فاضطرب التدبير وفسدت السماوات والأرض، وإذا فسدتا فسد من فيهما. وقيل: " لو اتبع الحق أهواءهم " أي بما يهواه الناس ويشتهونه لبطل نظام العالم، لان شهوات الناس تختلف وتتضاد، وسبيل الحق أن يكون متبوعا، وسبيل الناس الانقياد للحق. وقيل: " الحق " القرآن، أي لو نزل القرآن بما يحبون لفسدت السماوات والأرض. (ومن فيهن) إشارة إلى من يعقل من ملائكة السماوات وإنس الأرض وجنها، الماوردي. وقال الكلبي: يعنى وما بينهما من