عن عاصم والمفضل: " منزلا " بفتح الميم وكسر الزاي على الموضع، أي أنزلني موضعا مباركا.
الجوهري: المنزل (بفتح الميم والزاي) النزول وهو الحلول، تقول: نزلت نزولا ومنزلا. وقال:
أأن ذكرتك الدار منزلها جمل * بكيت فدم العين منحدر سجل نصب " المنزل " لأنه مصدر (1). وأنزله غيره واستنزله بمعنى. ونزله تنزيلا، والتنزيل أيضا الترتيب. قال ابن عباس ومجاهد: هذا حين خرج من السفينة، مثل قوله تعالى:
" اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك (2) " [هود: 48]. وقيل: حين دخلها، فعلى هذا يكون قوله: " مباركا " يعنى بالسلامة والنجاة.
قلت: وبالجملة فالآية تعليم من الله عز وجل لعباده إذا ركبوا وإذا نزلوا أن يقولوا هذا، بل وإذا دخلوا بيوتهم وسلموا قالوا. وروى عن علي رضي الله عنه أنه كان إذا دخل المسجد قال: اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين.
قوله تعالى: إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين (30) قوله تعالى: (إن في ذلك لايات) أي في أمر نوج والسفينة وإهلاك الكافرين.
" لايات " أي دلالات على كمال قدرة الله تعالى، وأنه ينصر أنبياءه ويهلك أعداءهم.
(وإن كنا لمبتلين) أي ما كنا إلا مبتلين الأمم قبلكم، أي مختبرين لهم بإرسال الرسل إليهم ليظهر المطيع والعاصي فيتبين للملائكة حالهم، لا أن يستجد الرب علما. وقيل: أي نعاملهم معاملة المختبرين. وقد تقدم هذا المعنى في " البقرة (3) " وغيرها. وقيل: " إن كنا " أي وقد كنا.
قوله تعالى: ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين (31) فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون (32)