والأصمعي ينكر أنبت، ويتهم قصيدة زهير التي فيها:
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم * قطينا بها حتى إذا أنبت البقل أي نبت. وقرأ الزهري والحسن والأعرج: " تنبت بالدهن " برفع التاء ونصب الباء. قال ابن جنى والزجاج: هي باء الحال، أي تنبت ومعها دهنها. وفي قراءة ابن مسعود: " تخرج بالدهن " وهي باء الحال. ابن درستويه: الدهن الماء اللين، تنبت من الانبات. وقرأ زر بن حبيش:
" تنبت - بضم التاء وكسر الباء - الدهن " بحذف الباء ونصبه. وقرأ سليمان بن عبد الملك والأشهب: " بالدهان ". والمراد من الآية تعديد نعمة الزيت على الانسان، وهي من أركان النعم التي لا غنى بالصحة عنها. ويدخل في معنى الزيتون (1) شجر الزيت كله على اختلافه بحسب الأقطار.
الثالثة - قوله تعالى: (وصبغ للاكلين) قراءة الجمهور. وقرأت فرقة: " وأصباغ " بالجمع. وقرأ عامر بن عبد قيس: " ومتاعا "، ويراد به الزيت الذي يصطبغ به الاكل، يقال:
صبغ وصباغ، مثل دبغ ودباغ، ولبس ولباس. وكل إدام يؤتدم به فهو صبغ، حكاه الهروي وغيره. وأصل الصبغ ما يلون به الثوب، وشبه الادام به لان الخبز يلون (2) بالصبغ إذا غمس فيه. وقال مقاتل: الادم الزيتون، والدهن الزيت. وقد جعل الله تعالى في هذه الشجرة أدما ودهنا، فالصبغ على هذا الزيتون.
الرابعة - لا خلاف أن كل ما يصطبغ فيه من المائعات كالزيت والسمن والعسل والرب والخل وغير ذلك من الأمراق أنه إدام. وقد نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخل فقال: (نعم الادام الخل) رواه تسعة من الصحابة، سبعة رجال وامرأتان. وممن رواه في الصحيح جابر وعائشة وخارجة وعمر وابنه عبيد الله وابن عباس وأبو هريرة وسمرة ابن جندب وأنس وأم هانئ.
الخامسة - واختلف فيما كان جامدا كاللحم والتمر والزيتون وغير ذلك من الجوامد، فالجمهور أن ذلك كله إدام، فمن حلف ألا يأكل إداما فأكل لحما أو جبنا حنث. وقال أبو حنيفة:
لا يحنث، وخالفه صاحباه. وقد روى عن أبي يوسف مثل قول أبي حنيفة. والبقل ليس بإدام في قولهم جميعا. وعن الشافعي في التمر وجهان، والمشهور أنه ليس بإدام لقوله في التنبيه.