تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٢٢١
الاستقامة، قائمين بالحق والعدل الذي ظله في نفوسهم.
تفسير سورة الشورى من [آية 51 - 53] * (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا) * أي: إلا بثلاثة أوجه، إما بوصوله إلى مقام الوحدة والفناء فيه ثم التحقق بوجوده في مقام البقاء فيوحي إليه بلا واسطة كما قال الله تعالى: * (ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى) * [النجم، الآية: 8 - 10]. * (أو من وراء حجاب) * بكونه في حجاب القلب ومقام تجليات الصفات فيكلمه على سبيل المناجاة والمكالمة والمكاشفة والمحادثة دون الرؤية لاحتجابه بحجاب الصفات كما كان حال موسى عليه السلام * (أو يرسل رسولا) * من الملائكة فيوحي إليه على سبيل الإلقاء والنفث في الروع والإلهام أو الهتاف أو المنام كما قال عليه السلام: ' إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها '، * (إنه علي) * من أن يواجه ويخاطب، بل يفنى ويتلاشى من يواجهه لعلوه من أن يبقى معه غيره ويحتمل شيء حضوره * (حكيم) * يدبر بالحكمة وجوده التكليم ليظهر علمه في تفاصيل المظاهر ويكمل به عباده ويهتدوا إليه ويعرفوه.
ومثل ذلك الإيحاء على الطرق الثلاثة: * (أوحينا إليك روحا) * تحيا به القلوب الميتة * (من) * عالم * (أمرنا) * المنزه عن الزمان المقدس عن المكان * (ما كنت تدري ما الكتاب) * أي العقل الفرقاني الذي هو كمالك الخاص بك * (ولا الإيمان) * أي: الخفي الذي حصل لك عند البقاء بعد الفناء حال كونك محجوبا بغواشي نشأتك وحال وصولك لفنائك وتلاشي وجودك * (ولكن جعلناه نورا) * عند استقامتك * (نهدي به من نشاء من عبادنا) * المخصوصين بالعناية الأزلية، إما المحبوبين وإما المحبين * (وانك) * أيها الحبيب * (لتهدي) * بنا من تشاء * (إلى صراط مستقيم) * لا يبلغ كنهه ولا يدري وصفه.
* (صراط الله) * المخصوص به، أي: طريق التوحيدي الذاتي الشامل للتوحيد الصفاتي والأفعالي المسمى توحيد الملك، أعني سير الذات الأحدية مع جميع الصفات الظاهرة والباطنة بمالكية سماوات الأرواح وأرض الجسم المطلق * (ألا إلى الله تصير الأمور) * بالفناء فيه، فينادي بذاته * (لمن الملك اليوم) * [غافر، الآية: 16] ويجيب هو نفسه بقوله: * (لله الواحد القهار) * [غافر، الآية: 16]، والله تعالى أعلم.
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»