تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٢١٧
ولا من المحبين الذين وفقهم الله للإنابة إليه بالسلوك والاجتهاد والسير فيه بالشوق والافتقار، فهداهم إليه بنور وجهه وجمال ذاته، فجذب المحبوبين إليه قبل السلوك والرياضة بسابقة الاجتباء، وخص المحبين بعد التوفيق بالسلوك فيه والرياضة بالاصطفاء وطرد المحجوبين عن بابه وأبعدهم عن جنابه بسابقة كلمة القضاء عليهم بالشقاء.
تفسير سورة الشورى [الآية 15 - 19] * (فلذلك) * التفرق في الدين * (فادع) * إلى التوحيد * (واستقم) * في التحقق بالله والتعبد حق العبودية وأنت على التمكين ولا تظهر نفسك بصفة عند إنكارهم واستمالتهم إياك في موافقتهم * (ولا تتبع أهواءهم) * المتفرقة بالتلوين * (فيضلوك) * عن التوحيد.
* (وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب) * أي: اطلعت على كمالات جميع الأنبياء وجمعت في علومهم ومقاماتهم وصفاتهم وأخلاقهم، فكمل توحيدي وصرت حبيبا لكمال محبتي، ورسخت في نفسي، فتمت عدالتي وهذا معنى قوله: * (وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم) * هو التثبيت في مقام التوحيد والتحقيق * (لنا أعمالنا ولكم أعمالكم) * صورة الاستقامة والتمكين في العدالة * (لا حجة بيننا وبينكم) * كمال المحبة والصفاء لاقتضاء مقام التوحيد النظر إليهم بالسواء * (الله يجمع بيننا) * في القيامة الكبرى والفناء * (وإليه المصير) * في العاقبة للجزاء.
* (والذين يحاجون في الله) * لاحتجابهم بنفوسهم * (من بعد ما استجيب له) * بالاستسلام والانقياد لدينه وقبول التوحيد بسلامة الفطرة * (حجتهم داحضة) * لكونها ناشئة من عند أنفسهم فلا أصل لها عند الله * (وعليهم غضب) * لاستحقاقهم لذلك بظهور غضبهم * (ولهم عذاب شديد) * لحرمانهم.
* (الله الذي أنزل الكتاب بالحق) * أي: العلم التوحيدي بالمحبة التي اقتضت استحقاقه لذلك فكان حقا له * (والميزان) * أي: العدل، وإذا حصل العلم والتوحيد في الروح والمحبة في القلب والعدل في النفس قرب الفناء في الله ووقوع القيامة الكبرى.
* (الله لطيف بعباده) * يلطف بهم في تدبير إيصال كمالاتهم إليه وتهيئة أسبابها
(٢١٧)
مفاتيح البحث: سورة الشورى (1)، الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»