تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٢١٨
وتوفيقهم للأعمال المقربة لهم إليها * (يرزق من يشاء) * العلم الوافر بحسب عنايته به في هيئة استعداده له، * (وهو القوي) * القاهر * (العزيز) * الغالب، يمنع من يشاء بمقتضى عدله وحكمته ولكل أحد نصيب من اللطف والقهر لا يخلو أحد منهما وإنما تتفاوت الأنصباء بحسب الاستعدادات والأسباب والأعمال والأحوال.
تفسير سورة الشورى من [آية 20 - 23] * (من كان يريد حرث الآخرة) * بقوة إرادته وشدة طلبه لزيادة نصيب اللطف وتوجهه وإقباله إلى الحق لحيازة القرب * (نزد له) * في نصيبه، فنصلح حال آخرته ودنياه لأن الدنيا تحت الآخرة وظلها ومثالها وصورتها تتبعها * (ومن كان يريد حرث الدنيا) * وأقبل بهواه إلى جهة السفل وتعلق همه بزيادة نصيب القهر وبعد عن الحق * (نؤته منها) * ما هو نصيبه وما قسم له وقدر لا مزيد عليه * (وما له في الآخرة من نصيب) * لإعراضه عنها وعقد همه بالأدون ووقوفه معه وجعله حجابا للأشرف وإدباره عن النصيب الأوفر، فلا يتهيأ لقبوله ولا يستعد لحصوله إذ الأصل لا يتبع الفرع.
* (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * استثناء منقطع وفي القربى متعلق بمقدر أي: المودة الكائنة في القربى. ومعناه: نفي الأجر أصلا لأن ثمرة مودة أهل قرابته عائدة إليهم لكونها سبب نجاتهم، إذ المودة تقتضي المناسبة الروحانية المستلزمة لاجتماعهم في الحشر، كما قال عليه الصلاة والسلام: ' المرء يحشر مع من أحب ' فلا تصلح أن تكون أجرا له ولا يمكن من تكدرت روحه وبعدت عنهم مرتبته محبتهم بالحقيقة، ولا يمكن من تنورت روحه وعرف الله وأحبه من أهل التوحيد أن لا يحبهم لكونهم أهل بيت النبوة ومعادن الولاية والفتوة محبوبين في العناية الأولى، مربوبين للمحل الأعلى فلا يحبهم إلا من يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ولو لم يكونوا محبوبين من الله في البداية لما أحبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ محبته عين محبته تعالى في صورة التفصيل بعد كونه في عين الجمع وهم الأربعة المذكورون في الحديث الآتي بعد، ألا ترى أن له أولادا آخرين وذوي قرابات في مراتبهم كثيرين لم يذكرهم ولم يحرض الأمة على محبتهم تحريضهم على محبة هؤلاء وخص هؤلاء بالذكر.
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»