تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ١١١
كان بالنفس ليس ببر أصلا لقوله تعالى: * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) * [آل عمران، الآية: 92]، * (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) * تخصونه بالإنفاق كعادة المنفقين بالنفس والطبيعة * (ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه) * لمحبتكم الأطيب من المال لأنفسكم لاختصاص محبتكم بالذات إياها، ولهذا لا تؤثرون الله بالمال عليها فتنفقوا أطيبه له * (واعلموا أن الله غني) * فاتصفوا بغناه فتستفيضوا به عن المال ومحبته * (حميد) * لا يفعل إلا الفعل المحمود، فاقتدوا به.
* (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء) * أي: الخصلة القبيحة التي هي البخل، فتعوذوا منه بالله، فإنه * (يعدكم مغفرة منه) * أي: سترا لصفات نفوسكم بنوره * (وفضلا) * وموهبة من مواهب صفاته لكم وتجلياتها كالغنى المطلق فلا يبقى فيكم خوف الفقر * (والله واسع) * يسع ذواتكم وصفاتكم وعطاؤكم لا يضيق وعاء جوده بالعطاء ولا ينفد عطاياه * (عليم) * بمواقع تجلياته واستعدادها واستحقاقها.
[تفسير سورة البقرة من آية 269 إلى آية 272] * (يؤتي الحكمة من يشاء) * لإخلاصه في الإنفاق وكونه فيه بالله، فيعطيه حكمة الإنفاق لينفق من الحكمة الإلهية لكونه متصفا بصفاته * (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) * لأنها أخص صفات الله * (وما يذكر) * أن الحكمة أشرف الأشياء وأخص الصفات * (إلا أولو الألباب) * الذين نور الله عقولهم بنور الهداية فصفاها عن شوائب الوهم وقشور الرسوم والعادات وهو النفس. فجزاء الإنفاق الأول هو الإضعاف، وجزاء الثاني هو الجنة الصفاتية المثمرة للإضعاف، وجزاء الثالث هو الحكمة اللازمة للوجود والموهوب. فانظر كم بينها من التفاوت.
* (وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه) * من أي القبول هو، فيجازيكم بحسبه * (وما للظالمين) * أي: المنفقين رئاء الناس، الواضعين الإنفاق في غير موضعه، أو الناقصين حقوقهم برؤية إنفاقهم أو ضم المن والأذى إليه أو بالإنفاق من الخبيث * (من أنصار) * يحفظوا لهم من بأس الله * (فهو خير لكم) * لبعدها عن الرياء
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»