تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٨٥
إلينا)) أي: إذا لم تبق جهة الإلهية فيهم بمخالفتهم إياه لم تبق محبئنا لهم، أو أشد حبا من محبتهم لآلهتهم لأنهم يحبون الأشياء بأنفسهم لأنفسهم، فلا جرم تتغير مجبتهم بتغيير إعراض النفوس أنفسهم عند خوف الهلاك ومضرة النفس عليهم والمؤمنون يحبون الله بأرواحهم وقلوبهم، بل بالله لله، لا تتغير محبتهم لكونها لا لغرض، ويبذلون أرواحهم وأنفسهم لوجهه ورضاه، ويتركون جميع مراداتهم لمراده ويحبون أفعاله وإن كانت بخلاف هواهم، كما قال أحدهم.
* أريد وصاله ويريد هجري * فأترك ما أريد لما يريد * * (ولو يرى الذين ظلموا) * أي: أشركوا بمحبة الإنذار في وقت رؤيتهم عذاب الاحتجاب بآلهتهم * (أن القوة الله) * أي: القدرة كلها لله ليس لآلهتهم شيء منها، وشدة عذاب الله بقرنهم بآلهتهم في نار الحرمان بالسلاسل النارية المستفاد من محبتهم إياها، لكان ما لا يدخل تحت الوصف ولهذا المعنى حذف جواب لو.
[166 - 168] * (إذ تبرأ) * بدل من: إذ يرون العذاب، أي: وقت رؤيتهم العذاب هو وقت تبرئ المتبوعين من التابعين مع لزوم كل منهما الآخر بمقتضى المحبة التي كانت بينهم لتعذب كل منهم بالآخر وتقيده واحتجابه به عن كمالاته ولذاته وانقطاع الأسباب والوصل الموجبة للفوائد والتمتعات التي كانت بينهم في الدنيا من القرابة، والرحم، والإلفة، والعهد، وسائر المواصلات الدنيوية الجالبة للنفع واللذة، فإنها تنقطع كلها بانقطاع لوازمها وموجباتها دون المواصلات الخيرية والمحبات الإلهية المبنية على المناسبة الروحية والتعارف الأزلي، فإنها تبقى ببقاء الروح أبدا وتزيد في الآخرة بعد رفع الحجب البدنية لاقتضائها محبة الله المفيدة في الآخرة، كما قال تعالى: ((وجبت محبتي للمتحابين في)). والواو في * (ورأوا العذاب) * واو الحال، أي: تبرؤوا عنهم في حال رؤيتهم العذاب وتقطع الوصل بينهم، يعني: حال ظهور شر المقارنة وتبعتها، ونفاد خيرها وفائدتها، كحال سفاح الكلاب مثلا * (وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة) * أي: ليت لنا كرة * (كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم) * أي: تنقلب محباتهم وما يبنى عليها من الأعمال حسرات عليهم، وكذا يكون حال القوى الروحانية
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»