تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٨٢
وتستظهرون بهم لتنقطعوا إلي وتبتلوا * (والثمرات) * أي: الملاذ والمتمتعات النفسانية لتلتذوا بالمكاشفات والمعارف القلبية، والمشاهدات الروحية عند صفاء بواطنكم بالانقطاع منها وخلوص بصائر قلوبكم بنار الرياضة والبلاء والعزلة من غش صفات نفوسكم.
* (وبشر الصابرين) * يعني: الصابرين عن مألوفاتهم بلذة محبتي وقوة إرادتي.
[آية 156 - 158] * (الذين إذا أصابتهم مصيبة) * من تصرفاتي فيهم دائما شاهدوا آثار قدرتي، بل أنوار تجليات صفتي و * (قالوا إنا لله) * أي: سلموا وأيقنوا أنهم ملكي، أتصرف فيه * (وإنا إليه راجعون) * أي: تفانوا في، وشاهدوا تهلكهم في بي * (أولئك عليهم صلوات من ربهم) * بالوجود الموهوب لهم بعد الفناء الموصوف بصفاتي المنور بأنواري * (ورحمة) * ونور وهداية يهدون بها الخلق إلي * (وأولئك هم المهتدون) * بهداي كما ورد في الدعاء: ((واجعلنا هادين مهديين غير ضالين ولا مضلين)).
* (إن الصفا والمروة) * أي: إن صفاء وجود القلب ومروة وجود النفس * (من شعائر الله) * من أعلام دينه ومناسكه القلبية كاليقين، والرضا، والإخلاص، والتوكل، والقالبية، كالصلاة والصيام وسائر العبادات البدنية * (فمن حج البيت) * أي: بلغ مقام الوحدة الذاتية ودخل الحضرة الإلهية بالفناء الذاتي الكلي * (أو اعتمر) * نار الحضرة بتوحيد الصفات والفناء في أنوار تجليات الجمال والجلال * (فلا جناح عليه) * حينئذ في * (أن يطوف بهما) * أي: يرجع إلى مقامهما، ويتردد بينهما، لا بوجودهما التكويني، فإنه جناح، وذنب، بل بالوجود الموهوب بعد الفناء عند التمكين ولهذا نفي الحرج، فإن في هذا الوجود سعة بخلاف الأول * (ومن تطوع خيرا) * أي: ومن تبرع خيرا من باب التعاليم وشفقة الخلق والنصيحة ومحبة أهل الخير والصلاح بوجود القلب، ومن باب الأخلاق، وطرق البر والتقوى، ومعاونة الضعفاء والمساكين، وتحصيل الرفق لهم ولعياله بوجود النفس بعد كمال السلوك والبقاء بعد الفناء * (فإن الله شاكر) * يشكر عمله بثواب المزيد * (عليم) * بأنه من باب التصرف في الأشياء بالله لا من باب التكوين والابتلاء والفترة.
[آية 159 - 160]
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»