تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٨٠
* (الذين آتيناهم الكتاب) * إيتاء فهم ودراية * (يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) * أي:
كالمحسوس المشاهد، القريب الدائم الإحساس لقربهم منه بالحقيقة، وتوسمهم إياه بالدلائل الواضحة * (ولكل وجهة هو موليها) * أي: ولكل أحد منكم غاية وكمال بحسب استعداده الأول، الله موجه وجهه إليها أو هو نفسه موجه نفسه إليها ويتوجه نحوها بمقتضى هويته واستعداده بإذن الله * (فاستبقوا الخيرات) * الأمور المقربة إياكم من كمالكم وغايتكم التي خلقتم لأجلها وندبتم إليها * (أينما تكونوا) * من مقام وحال دونها أو تخالفها لكونها في مقابلها * (يأت بكم الله جميعا) * إلى تلك الغاية قريبا أو بعيدا بحسب اقتضاء المقربات واستباقها * (إن الله على كل شيء قدير) * [آية 149 - 150] * (ومن حيث خرجت) * من طرق حواسك وميلك إلى حظوظك والاهتمام بمصالحك ومصالح المؤمنين * (فول وجهك شطر المسجد الحرام) * أي: فكن حاضرا للحق في قلبك، مواجها صدرك، تشاهد مشاهد فيه، مراعيا جانبه لتكون في الأشياء بالله لا بالنفس * (وحيث ما كنتم) * أيها المؤمنون * (فولوا وجوهكم) * جانب الصدر، تشاهدون مشاهدكم فيه، مراعين له غير معرضين عنه في حال * (لئلا يكون للناس عليكم حجة) * سلطنة بوقوعهم في أعينكم واعتباركم إياهم عند غيبتكم عن الحق، وترفعهم عليكم، أو غلبة بالقول أو الفعل في مقاصدكم ومطالبكم لكونكم بالحق فيها حينئذ، بل يخضعون) * وينقادون لكم، فإن حزب الله هم الغالبون * (إلا الذين ظلموا منهم) * أي: الكفار المردودين الذين احتجبوا عن الحق مطلقا، فإنهم يرتفعون عليكم ولا يخضعون، ولا ينقادون لعدم انفعالهم عن الحق مطلقا. وسمى شبهتهم التي يسوقونها مساق الحجة، واعتراضهم على المسلمين قولا وفعلا، وترفهم عليهم في أنفسهم حجة مجازا. وقرئ إلا للتنبيه واستؤنف الذين ظلموا * (فلا تخشوهم) * لأنهم لا يغلبونكم ولا يضرونكم * (واخشوني) * كونوا على هيبة من تجلي عظمتي لئلا يقعوا في قلوبكم وأعينكم ولا يميلوا صدوركم فتميلوا إلى موافقتهم إجلالا لهم وتعظيما لكونكم في الغيبة وبالنفس، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: ((عظم الخالق عندك
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»