سكنوا الصدر ولا يجاوزون حده بالترقي إلى مقام العين لاحتجابهم بالعلم الذي وعاؤه الصدر * (فأمتعه) * تمتيعا * (قليلا) * من المعاني العقلية، والمعلومات الكلية النازلة إليهم من عالم الروح على قدر ما تعيشوا به * (ثم أضطره إلى عذاب) * نار الحرمان والحجاب * (وبئس المصير) * مصيرهم، لتعذبهم بنقصانهم وتألمهم بحرمانهم.
[آية 127 - 133] * (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت) * قيل: إن الكعبة أنزلت من السماء في زمان آدم ولها بابان إلى المشرق والمغرب، فحج آدم عليه السلام من أرض الهند واستقبله الملائكة أربعين فرسخا فطاف بالبيت ودخله. ثم رفعت في زمان طوفان نوح عليه السلام، ثم أنزلت مرة أخرى في زمان إبراهيم صلوات الله عليه، فزارها ورفع قواعدها وجعل بابيها بابا واحدا. وقيل: ثم تمخض أبو قبيس فانشق عن الحجر الأسود وكان ياقوته بيضاء من يواقيت الجنة نزل بها جبرائيل فخبئت فيه في زمان الطوفان إلى زمن إبراهيم عليه السلام، فوضعه إبراهيم مكانه، ثم اسود بملامسة النساء الحيض.
فنزولها في زمان آدم إشارة إلى ظهور القلب في زمانه بوجوده عليه. وكونه ذا بابين شرقي وغربي إشارة إلى ظهور علم المبدأ والمعاد، ومعرفة عالم النور، وعالم الظلمة في زمانه دون علم التوحيد. وقصده زيارتها من أرض الهند إشارة إلى توجهه بالتكوين والاعتدال من عالم الطبيعية الجسمانية المظلمة إلى مقام القلب، واستقبال الملائكة إشارة إلى تعلق القوى الحيوانية والنباتية بالبدن وظهور آثارها فيه قبل أثار القلب في الأربعين التي تكونت فيها بنيته وتخمرت طينته أو توجهه بالسير واللسلوك من عالم النفس الظلماني إلى مقام القلب. واستقبال الملائكة تلقي القوى النفسانية والبدنية إياه بقبول الإذعان والأخلاق الجميلة والملكات الفاضلة والتمرن فيها والتنقل