تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٧٩
[آية 144] * (قد نرى نقلب وجهك) * في جهة سماء الروح في مقام الجمع عند الاستغراق في الوحدة والاحتجاب بالحق عن الخلق يؤدك وزر النبوة ومقام الدعوة، لعدم التفاتك إلى الكثرة، ويعسر عليك الرجوع إلى الحق في أول حال البقاء بعد الفناء قبل التمكن لقوة توجهك إلى الحق * (فلنولينك قبلة ترضاها) * فلنجعلن وجهك يلي قبلة القلب بانشراح الصدر، كما قال تعالى: * (ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك) * [الشرح، الآيات: 1 - 3] فإنها قبلة ترضاها لوجود الجمع هناك في صورة التفصيل وعدم احتجاب الوحدة بالكثرة، فترضى تلك القبلة بدعوة الخلق إلى الحق مع بقاء شهود الوحدة * (فول وجهك شطر المسجد الحرام) * جانب الصدر المشروح المحرم من وصول صفات النفس، ودواعي الهوى والشيطان * (وحيث ما كنتم) * أيها المؤمنون والمحققون، سواء كنتم في جهة مشرق الروح ومغرب النفس * (فولوا وجوهكم) * جانبه ليتيسر عليكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأولى، أي: الجهة الشرقية. والترقي عن حالكم ومقامكم، والتوقي عن احتجابكم بدواعي الهوى والشيطان في الثانية. * (وإن الذين أوتوا الكتاب) * أي: التوراة والإنجيل وكتاب العقل الفرقاني، أي: العقل المستفاد * (ليعلمون أنه الحق من ربهم) * لاهتدائهم بما في الكتاب من توحيد الأفعال، والصفات، والدلالة على التوحيد المحمدي الذاتي إليه، أو بنور العقل المنور بالنور الشرعي لا المحجوب بالقياس الفكري.
[آية 145] * (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية) * دالة على صحة نبوتك وحقية قبلتك ولو من كتابهم، أو ما كانت عقلية قطعية * (ما تبعوا قبلتك) * لاحتجابهم بدينهم ومعقولهم وتقيدهم به * (وما أنت بتابع قبلتهم) * لعلوك عن رتبة دينهم وترقيك عن مقامهم * (وما بعضهم بتابع قبلة بعض) * لاحتجاب كل بدينه وتضاد وجههم الناشئ من التضاد المركوز في طباعهم * (ولئن اتبعت أهواءهم) * المتفرقة * (من بعد ما جاءك من) * علم التوحيد الجامع إياك * (إنك إذا لمن) * الناقصين حقك وحق مقامك.
[آية 146 - 148]
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»