تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٧٧
ظلمة ثم رش عليهم من نوره، فمن أصاب من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأ ضل)).
فذلك النور هو صبغته.
[آية 142] * (سيقول السفهاء من الناس) * سماهم سفهاء خفاف العقول، لعدم وفاء عقولهم بإدراك حقيقة دين الإسلام وقضائها على ما عرفت بحق مذهبها ووقوفها به، ولذلك كانت محاجتهم في الله مع اتفاقهم في التوحيد واختصاص المسلمين بالإخلاص، إذ لو أدركوا الحق لأدركوا إخلاصهم فلم تبق محاجتهم معهم. ولو كانت عقولهم رزينة لاستدلت بالآيات وأدركت في كل دين ومذهب حقه، وفرقت بين ذلك الدين الحق الذي هو كالروح لذلك، وبين باطل أهله الذي اختلط به ولبسه خاصة دين الإسلام، فإن كله حق، بل هو حق الحقوق ولذلك جعلوا أمة وسطا أي: عدلا بين الأمم، فضلاء شهداء عليهم. * (ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) * لأنهم كانوا مقيدين بالجهة فلم يقبلوا إلا مقيدا ولم يعرفوا التوحيد الوافي بالجهات كلها * (قل لله المشرق والمغرب) * على ما مر من التأويلين * (يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) * أي: طريق الوحدة التي تتساوى الجهات بالنسبة إليها لكون الحق المتوجه إليه لا في جهة، وكون الجهات كلها فيه وبه وله، كما قال تعالى: * (فأينما تولوا فثم وجه الله) * [البقرة، الآية:
115].
[آية 143] ومعنى شهادتهم على الناس وشهادة الرسول عليهم، اطلاعهم بنور التوحيد على حقوق الأديان ومعرفتهم بحق أهل كل دين وحق، كل ذي دين من دينه وباطلهم الذي ليس حقهم الذي هو مخترعات نفوسهم وتمنياتهم وأكاذيب أخبارهم وملفقاتهم، ووقوفهم على حد دينهم، وإبطالهم لما عداه من الأديان، واحتجابهم وتقيدهم بظاهره دون التعمق إلى باطنه وأصله وإلا عرفوا حقية دين الإسلام لأن طريق الحق واحد فلا يستخفون بحق سائر الأديان وخاصة دين الإسلام الذي هو الحق الأعظم الأظهر، والرسول مطلع على رتبة كل متدين بدينه في دينه، وحقيقته التي هو عليها من دينه، وحجابه الذي هو به محجوب عن كمال دينه، فهو يعرف ذنوبهم وحدود إيمانهم
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»