تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٧٦
ميتين بأنفسكم، أحياء بالله أبدا، فيدرككم موت البدن على هذه الحالة.
[آية 134] * (تلك أمة قد خلت) * أي: لا تكونوا مقلدين ولا تكتفوا بالتقليد الصرف في الدين إذ لا اعتماد على النقل، فليس لأحد إلا ما كسب من العلم والعمل والاعتقاد والسيرة، لا يجازى أحد بمعتقد غيره ولا بعمله، فكونوا على بصائركم واطلبوا اليقين واعملوا عليه.
[آية 135 - 141] * (وقالوا كونوا هودا أو نصارى) * كل محجوب بدينه يزعم أن الحق دينه لا غير * (قل بل ملة إبراهيم) * فإن الهدى المطلق هو التوحيد الذي يشمل كل دين، ويرفع كل حجاب كما ذكر بعده في قوله * (قولوا آمنا بالله) * إلى آخره * (لا نفرق بين أحد منهم) * ينفي دين البعض وإبطال ملته وإثبات الآخر وحقيته، بل نقول باجتماعهم على الحق واتفاقهم على التوحيد، ونقبل جميع أديانهم بالتوحيد الشامل لكلها * (فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به) * من التوحيد الجامع من كل دين ومذهب * (فقد اهتدوا) * الاهتداء المطلق، أي: كل الاهتداء * (وإن تولوا فإنما هم) * في طرف من الدين وشق من الهداية يشاقونكم فيه.
* (صبغة الله) * أي: آمنا بالله وصبغنا الله صبغة، فإن كل ذي اعتقاد ومذهب باطنه مصبوغ بصبغ اعتقاده ودينه ومذهبه. فالمتعبدون بالملل المتفرقة مصبوغون بصبغ نيتهم، والمتمذهبون بصبغ إمامهم وقائدهم، والحكماء بصبغ عقولهم، وأهل الأهواء والبدع المتفرقة بصبغ أهوائهم ونفوسهم، والموحدون بصبغة الله خاصة التي لا صبغ أحسن منها ولا صبغ بعدها. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى خلق الخلق في
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»