تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٧٣
أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم) * أي: من علم التوحيد والمعرفة * (ما لك من الله من ولي ولا نصير) * لامتناع وجود غيره.
* (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات) * أي: بمراتب الروحانيات، كالقلب والسر والروح والخفاء والوحدة والأحوال والمقامات، التي يعبر بها على تلك المراتب كالتسليم والتوكل والرضا وعلومها * (فأتمهن) * بالسلوك إلى الله وفي الله حتى الفناء * (قال إني جاعلك للناس إماما) * بالبقاء بعد الفناء، والرجوع إلى الخلق من الحق تؤمهم وتهديهم سلوك سبيلي ويقتدون بك فيهتدون. * (قال ومن ذريتي) * أي: واجعل بعض ذريتي أيضا إماما * (قال) * قد يكون منهم ظالمون * (ولا ينال عهدي) * إياهم، أي: لا يكونون خلفائي ولا أعهد إلى الظالمين بالإمامة.
[آية 125] * (وإذ جعلنا البيت) * (القلب) * (مثابة) * أي: مرجعا ومبوأ * (للناس وأمنا) * ومحل أمن أو سبب أمن وسلامة لهم يأمنون بالوصول إليه والسكون فيه شر غوائل صفات النفس وفتك فتاك القوى الطبيعية وإفسادها، وتخييل شياطين الوهم والخيال، وإغوائهم ومكائدهم * (واتخذوا من مقام إبراهيم) * الذي هو ومقام الروح مقام الخلة * (مصلى) * موطنا للصلاة الحقيقية التي هي المشاهدة والمواصلة الإلهية والخلة الذوقية * (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل) * أمرناهما بتطهير بيت القلب من قاذورات أحاديث النفس، ونجاسات وساوس الشيطان، وأرجاس دواعي الهوى، وأدناس صفات القوى * (للطائفين) * أي: للسالكين المشتاقين الذين يدورون حول القلب في سيرهم * (والعاكفين) * الواصلين إلى مقام القلب بالتوكل الذي هو توحيد الأفعال المقيمين فيه بلا تلوينات النفس وإزعاجها منه * (والركع) * أي: الخاضعين الذين بلغوا إلى مقام تجلي الصفات، وكمال مرتبة الرضا والسجود الفانين في الوحدة.
[آية 126] * (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا) * الصدر الذي هو حرم القلب * (بلدا آمنا) * من استيلاء صفات النفس واغتيال العدو اللعين، وتخطف جن القوى البدنية أهله * (وارزق أهله) * من ثمرات معارف الروح أو حكمه وأنواره * (من آمن منهم بالله واليوم الآخر) * من وحد الله منهم وعلم المعاد (قال ومن كفر) * أي: ومن احتجب أيضا من الذين
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»