تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٧٠
صادقين) * في دعواكم، بل الدليل دل على نقيض مدعاكم.
فإن * (من أسلم وجهه) * أي: ذاته الموجودة مع جميع لوازمها وعوارضها * (لله) * بالتوحيد الذاتي عند المحو الكلي والفناء في ذات الله * (وهو محسن) * أي: مستقيم في أحواله بالبقاء بعد الفناء، مشاهد ربه في أعماله، راجع من الشهود الذاتي إلى مقام الإحسان الصفاتي الذي هو المشاهدة بالوجود الحقاني لمكان الاستقامة والعبادة، لا بالوجود النفساني * (فله أجره عند ربه) * أي: ما ذكرتم من الجنة وأصفى وألذ لاختصاصها بمقام العندية أي المشاهدة التي احتجبتهم عنها * (ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * أي: وزيادة على ما لكم من الجنة وهو عدم خوفهم من احتجاب الذات وبقاء النفس اللازم لوجود بقيتهم وعدم حزنهم على ما فاتهم بسبب الوقوف بحجاب جنة الأفعال والصفات والتلذذ بها والاستراحة فيها والاستدامة إليها من شهود جمال الذات. فإنهم وإن تركوها بالشوق إلى تجلي الذات فإنها حاصلة لهم وأدنى مقامهم تحت جنة الذات.
[آية 113 - 114] * (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء) * لاحتجابهم بدينهم عن دينهم، وكذا قالت النصارى لاحتجابهم بالباطن عن الظاهر كما احتجب اليهود بالظاهر عن الباطن على ما هو حال أهل المذاهب اليوم في الإسلام.
* (وهم يتلون الكتاب) * وفيه ما يرشدهم إلى رفع الحجاب، ورؤية حق كل دين ومذهب، وليس أهل ذلك الدين والمذهب حقهم بباطل لتقيدهم بمعتقدهم، فما الفرق بينهم وبين الذين لا علم لهم ولا كتاب، كالمشركين، فإنهم يقولون مثل قولهم بل هم أعذر، إذ ليس عليهم إلا حجة العقل وهم بحجة العقل والشرع * (فالله يحكم بينهم) * بالحق في اختلافاتهم * (يوم) * (قيام) * (القيامة) * الكبرى وظهور الوحدة الذاتية عند خروج المهدي عليه السلام. وفي الحديث ما معناه: ((إن الله يتجلى لعباده في صورة معتقداتهم فيعرفونه، ثم يتحول عن صورته إلى صورة أخرى فينكرونه))، وحينئذ يكونون كلهم ضالين محجوبين إلا ما شاء الله وهو الموحد الذي لم يتقيد بصورة معتقده.
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»