* (ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا) * وأخوه هو: القوة العاقلة العملية من أم يوسف القلب التي هي راحيل النفس اللوامة التي تزوجها يعقوب القلب بعد وفاة ليا النفس الأمارة، وإنما قالوا * (ليوسف وأخوه) * لأن العقل كما يقتضي تكميل القلب بالعلوم والمعارف يقتضي تكميل هذه القوة باستنباط أنواع الفضائل من الأخلاق الجميلة والأعمال الشريفة ونسبتهم إياه إلى الضلال الذي هو البعد عن الصواب بقولهم: * (إن أبانا لفي ضلال مبين) * قصورها عن النظر العقلي وبعد طريقه عن طريقتها في تحصيل الملاذ البدنية وإلقاؤهم إياه في غيابة الجب استيلاؤها على القلب وجذبها إياه إلى الجهة السفلية بحدوث محبة البدن وموافقاته له حتى ألقي في قعر جب الطبيعة البدنية، إلا أنه ألبس قميصا من الجنة أتى به جبريل إبراهيم عليهما السلام يوم جرد وألقي في النار، فألبسه إياه وورثه إسحق وورثه منه يعقوب فعلقه في تميمة على عنقه، فأتاه جبريل عليه السلام في البئر فأخرجه وألبسه إياه، وإلا لغمره الماء وظهرت عورته، كما قيل. وهو إشارة إلى صفة الاستعداد الأصلي والنور الفطري وذلك هو الذي منع إبراهيم عن النار وحماه بإذن الله حتى صارت عليه بردا وسلاما. واستنزالها العقل إلى الفكر في باب المعاش وتحصيل أسبابه والتوجه نحوه هو معنى قولهم:
* (يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين) * أي: في ترتيب المعاش وتهيئة أسبابه على حسب المراد. ومراودتها للعقل عن القلب بالتسويلات الشيطانية والتعزيرات النفسانية مع كراهية العقل لذلك هو معنى قولهم عند مراودة يعقوب عنه: * (أرسله معنا غدا يرتع ويلعب) * وافتراؤهم على الذئب هو أن القوة الغضبية إذا ظهرت واستشاطت حجبت القلب بالكلية عن أفعاله الخاصة به. والظاهر من حالها أنها أقوى إضرارا به وإبطالا لفعله وحجبا له الذي هو معنى الأكل مع أن القوة الشهوانية والحواس وسائر القوى أشد نكاية في القلب وأضر به في نفس الأمر وأجذب له إلى الجهة السفلية وأشد إباء وامتناعا من قبول السياسات العقلية وطاعة الأوامر والنواهي الشرعية وإذعان القلب بالموافقة في طلب الكمالات الروحية منها، وظهور ذلك الأثر من القوة الغضبية مع كونه بخلاف ذلك في الحقيقة هو الدم الكاذب على قميصه وابيضاض عين يعقوب في فراقه عبارة عن كلال البصيرة وفقدان نور العقل عند كون يوسف القلب في غيابة جب الطبيعة، وبعض السيارة الذي أخرجه من البئر هو القوة الفكرية وشراؤه من عزيز مصر.
* (بثمن بخس دراهم معدودة) * تسليمهم له إلى عزيز الروح الذي هو من مصر مدينة القدس بما يحصل للقوة الفكرية من المعاني والمعارف الفائضة عليها من الروح