تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٥٠
يقاس بلذات الدنيا من الأذواق الروحانية، والفتوحات السرية، والمشاهدات القلبية، والعلوم العقلية، والمواجيد النفسية.
* (والذين كفروا) * أي: حجبوا عن الدين لكونه في مقابلة اتباع الهدى، وإردافه بقوله: * (وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار) * أي: نار الحرمان * (هم فيها خالدون يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون) * بنو إسرائيل هم أهل اللطف الإلهي، وأرباب نعمة الهداية والنبوة، دعاهم باللطف وتذكير النعمة السابقة، والعهد السالف المأخوذ منهم في التوراة بتوحيد الأفعال بعد العهد الأزلي كما هو عادة الأحباب عند الجفاء.
* ألم يك بيننا رحم ووصل * وكان بنا المودة والإخاء * وهذه الدعوة مخصوصة بتوحيد الصفات الذي هو رفع الحجاب الثاني، فهي أخص من الدعوة الأولى العامة لتذكير النعمة الدينية والعهد والتجلي بصفة المنعم والولي، والتهديد على عدم إجابتها بالرهبة التي هي أخص من الخوف، فإن الخوف إنما يكون من العقاب، والرهبة من السخط والقهر، والإعراض والاحتجاب والخشية أخص منها لكونها مخصوصة باحتجاب الذات. قال الله تعالى:
* (ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب) * [الرعد، الآية: 21]. وكذا الهيبة لأنها قرنت بعظمة الذات.
[آية 41 - 43] * (وآمنوا بما أنزلت) * من القرآن على حبيبي من توحيد الصفات * (مصدقا لما معكم) * في التوراة من توحيد الأفعال * (ولا تكونوا أول كافر به) * أي: أول محجوب عنه لاحتجابكم باعتقادكم * (ولا تشتروا) * أي: لا تستبدلوا * (بآياتي) * الدالة على تجليات ذاتي وصفاتي كسورة (الإخلاص) * وآية (الكرسي) * وأمثالهما، * (ثمنا قليلا) * أي: جنتكم النفسية لتألفكم بالملاذ الحسية وثواب الأعمال بتوحيد الأفعال. وإن اتقيتم عن الشرك فاتقوا سطوة قهري وجلالي وحجابي بابتغاء رضاي فلا تثبتوا صفة لغيري.
* (ولا تلبسوا الحق بالباطل): أي: ولا تخلطوا صفاته تعالى الثابتة كعلمه وقدرته وإرادته بالباطل الذي هو صفات نفوسكم بظهورها بصفاتها وعدم تمييزكم بين دواعيها وخواطرها ودواعي الحق وخواطره، ولا تكتموها بحجاب صفات النفس وسترها إياها عند ظهورها * (وأنتم تعلمون) * من علم توحيد الأفعال أن مصدر الفعل هو الصفة،
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»