يخلص لنا فيها لترفع بها الغشاوات الطبيعية التي حجبت قلبه عن معدن النور في الأربعين التي خلق فيها بدنه عند تكونه جنينا واواحتجابه بالنشأة عن الفطرة كما ورد في الحديث: ((خمر طينة آدم بيده أربعين صباحا)). وعن وجه قلبه، وتظهر حكمة التوراة من قلبه على لسانه " * (ثم اتخذتم) * عجل النفس الحيوانية الناقصة إلها من بعد اعتزاله وغيبته عنكم) * (وأنتم ظالمون) * واضعون العبادة في غير موضعها.
* (ثم عفونا عنكم من بعد ذلك) * الفعل الشنيع، والظلم القبيح، بتوبتكم عند رجوع موسى إليكم لكي تشكروا نعمة عفوي بتصور تلك النعمة عن المنعم فتستعدوا لقبول تجلي صفة المنعم. وعلى التأويل الثاني: * (واعدنا موسى) * القلب عند تعلقه بالبدن واحتجابه عن قومه القوى الروحانية الأربعين التي خلقت فيها بنية بدنه ثم تعبدتم عجل النفس الحيوانية الطفل من بعد غيبته واحتجابه في حال الصبا * (ثم عفونا عنكم من بعد ذلك) * التعبد بالبلوغ الحقيقي، وظهور نور القلب بتجردكم لكي تشكروا نعمة توفيقي إياكم لذلك التجرد وتهيئتي لأسباب كمالكم بسلوك سبيل صفاتي.
* (وإذ آتينا موسى) * القلب كتاب المعقولات والحكم والمعارف والتمييز الفارق بين الحق والباطل، لكي تهتدوا بنور هداه. وعلى الوجه الأول غني عن التأويل.
* (ظلمتم أنفسكم) * نقصتم حقوقها وحظوطها من الثواب والتجليات المذكورة * (فتوبوا) * إلى خالقكم برفع الحجاب الأول لدلالة ذكر البارئ عليه * (فاقتلوا أنفسكم) * بسيف الرياضة ومنعها عن حظوظها وأفعالها الخاصة بها على سبيل الاستقلال وقمع هواها التي هي روجها التي تحيا هي بها، وعلى الثاني ألهم القلب قواه أنكم نقصتم حقوقكم بتعبد النفس فارجعوا إلى بارئكم بنور هداه فامنعوا أنفسكم بالرياضة عما ضربتم فاقتلوها عن حياتها العارضة لها بغلبة الهوى لتحيوا بحياتكم الأصلية فتقبل توبتكم.
[آية 55 - 57] * (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن) * لأجل هدايتك الإيمان الحقيقي حتى تصل إلى مقام المشاهدة والعيان * (فأخذتكم) * صاعقة الموت الذي هو الفناء في التجلي الذاتي * (وأنتم) * تراقبون أو تشاهدون. * (ثم بعثناكم) * بالحياة الحقيقية والبقاء بعد الفناء لكي تشكروا نعمة التوحيد والوصول بالسلوك في الله * (وظللنا عليكم) * غمام تجلي الصفات لكونها حجب شمس الذات المحرقة بالكلية، * (وأنزلنا عليكم) * من الأحوال والمقامات الذوقية الجامعة بين الحلاوة وإسهال رذائل أخلاق النفس كالتوكل والرضا،